بناء جيش تخطى المليون جندى - من عبقريات سعد الدين الشاذلى
بناء جيش تخطى المليون جندى - من عبقريات سعد الدين الشاذلى
من عبقريات سعد الدين الشاذلى
بناء جيش المليون ومائتى الف جندى استعدادا لحرب اكتوبر
" من كتاب مذكرات حرب اكتوبر للشاذلى "
اعداد محمد شوقى السيد :: :: فصل تشكيل وحدات جديدة .
" ان عملية بناء القوات المسلحة لم تتوقف قط منذ هزيمة 67 حتى اكتوبر 73 وعندما تسلمت منصب (ر.أ.ح.ق .م.م) كانت القوات المسلحة تضم حوالى 800000 رجل
(36000 ضابط و764000 رتبة أخرى وفى أكتوبر 73 كانت القوات المسلحة قد وصلت الى 1,200,000 رجل
( 66000 ضابط و 1,134000 رتبة أخرى )
ان تجنيد وتدريب 400000 رجل
(30000 ضابط و 370000 من الرتب الاخرى )
فى فترة تزيد قليلا على السنتين يعتبر عملا صعبا وشاقا فكيف استطاعت مصر أن تقوم بهذا العمل الكبير ؟
لقد كانت مشكلة الضباط هى مشكلة المشكلات فقد كانت وحداتنا تشكو من النقص فى الضباط بنسبة تتراوح بين 30% و 40% وكان اجمالى النقص العام فى القوات المسلحة يصل الى حوالى 15000 ضابط فاذا أضفنا الى هذا الرقم ما نحتاجة من ضباط للوحدات الجديدة التى سوف تنشأ خلال العامين التاليين فقد قدرنا هذا ميعاد فعتة تسريح الجندى من د بحوالى 15000 ضابط أخر ومعنى ذلك أنة يتحتم علينا لكى نستكمل مرتبات الوحدات من الضباط اعداد 30000 ضابط فى خلال سنتين وبحساب طاقة كلياتنا العسكرية المتخصصة فى تدريب الضباط اعداد 30000 ضابط فى خلال سنتين وبحساب طاقة كلياتنا العسكرية المتخصصة فى تدريب الضباط اتضح لى أن اقصى طاقة تعمل بها هذة الكليات هو 3000 ضابط بكل عام وهذا يعنى اننا نحتاج لعشر سنوات على الاقل اذا أردنا أن تحل هذة المشكلة بالوسائل التقليدية ومن ناحية أخرى فانة لا يجوز السكوت عن هذا الموقف
لان العجز فى كوادر الضباتط يؤثر تأثيرا خطيرا على كفاءة القوات المسلحة ان الضابط هو القائد والمعلم لجنودة فمن الذى يعلم الجندى ومن الذى يقودة اذا لم يتوافر هذا الضابط
لكى أجد مخرجا لهذا الموقف قررت أن أنشئ كوادر جديدة من الضباط يطلق عليها " ضابط حرب "
هذا الضابط يتم انتقاؤة من بين الجنود المثقفين ويجرى تدريبة تدريبا مركزا لمدة تتراوح ما بين 4-5 اشهر فى تحصص واحد بحيث يصبح على مستوى عال فى تخصصة على ان تكون معلوماتة العامة عن التخصصات الاخرى محدودة وبالقدر الذى يسمح لة بالتعاون مع تلك التخصصات
ان تدريب هذا الضابط يهدف الى تأهيلة لتولى وحدة صغرى وان يبقى بها الى ان تنتهى الحرب فيتم تسريحة وعند البحث عن المثقفين من بين الجنود اتضح لى وجود 25000 جندة او ضابط صف حائزعلى درجة جامعية فكان من البديهى أن يكون هؤلاء الجنود هم القاعدة التى يمكن أن ننتقى منها هؤلاء المرشحين للتأهيل لرتبة ضابط وكنت متحمسا لهذا المشروع لأنة لك يكن يحل لنا مشكلة الضباط فحسب بل لأنة كان سوف يساعدنا على حل احدى مشكلات الضبط والربط فقد كان هؤلاء الجنود المثقفين دائمى الشجار مع قادتهممن الضباط الاصاغر الذين كانوا فى كثير من الأحيان أقل منهم سنا وثقافة عامة وكانت المشكلات تزداد بين الطرفين اذا تصادف وجود سابق معرفة بين الضابط والجندى قبل الانخراط فى الجندية سواء عن طريق المدرسة أم عن طريق الانتماء الى قرية واحدة ام حى واحد
كان اعتقادى انالجنود المثقفين سيرحبون بهذة الخطوة ولكنى فوجئت بعدم تحمسهم لهذا المشروع فقد كانت الغالبية منهم تفضل البقاء بدرجة جندى أو ضابط صف كانوا يتصورون ان ترقيتهم لرتبة ضابط قد تربطهم بالقوات المسلحة فلا يسرحونمن الخدمة عندما يحين أجل تسريح دورتهم
وقد قمت باجراء عدة لقاءات معهم لكى أشرح لهم الموقف والدوافع لهذا المشروع ووعدتهم بأن تسريح الضابط منهم لن يتأخر يوم واحدا عن ميعاد تسريح الجندى من دفعتة وبعد الكثير من التوعية أقبل الكثيرون منهم على التطوع وأمكن تأهيل وترقية 15000 رجل منهم الى رتبة الملازم كما قمنا بتأهيل 10000 آخرين من بين خريجى الجامعات الذين جندوا فى عامى 71 و72 وبذلك كان لدينا قبل يونيو 73 " 25000 ضابط حرب "
أضف الى ذلك 5000 ضابط عادى تم تدريبهم وتأهيلهم فى الكليات العسكرية قأصبح اجمالى من تم تأهيلهم وتدريبهم خلال سنتين هو 30000 ضابط وقبل بدء العمليات فى اكتوبر 73 لم تكن القوات المسلحة استكملت كوادرها من الضباط فحسب بل كان لدينا فائض يقدر بحةالى 1-2 % فى كل تخصص لمقابلة الخسائر المحتملة فى أثناء القتال .
ان تجنيد الجند وتأهيلة هى عملية أقل صعوبة من مشكلة انتقاء وتأهيل الضباط ولكنها مع ذلك لم تكن عملية بسيطة لقد جندنا ما بين يونيو 71 ويونيو 73 حوالى 400000 شاب حتى يمكننا أن نستكمل وحداتنا التى كانت قائمة فعلا ولكى نواجة المتكلبات المتعلقة بانشاء وحدات جديدة ان مصر ذات ال 35 مليون كانت من الناحية الواقعية عاجزة عن امداد قواتها المسلحة سنويا بحوالى 160000 شاب ذوى مستوى ثقافى وصحى ستناسب مع متكلبات القوات المسلحة لقد كان عدد الشبان الذين يصلونالى سن التجنيد سنويا هو حوالى 3500000 ( ثلاثمائة وخمسون الفا ) ونظرا لانخفاض المستويين الثقافى والصحى بين المجندين لم نكن نستطيع أن نحصل من بينهم على أكثر من 120,000 شاب ممن ينطبق عليهم الحد الادنى من المستويات الثقافية والصحية وهكذا كانت احتياجاتنا الفعلية تفوق مواردنا بحوالى 40,000 رجل سنويا وأمام هذا الموقف وجدتنفسى مضطرا الى قبول مستويات أقل ثقافيا وصحيا رغم المعارضة الشديدة التى أثارها رجال الخدمات الطبية حول انخفاض مستوى اللياقة الطبية كذلك حاولت أن أفتح مجال التطوع أمام المرأة للانضمام الى القوات المسلحة ولكن نظرا لأن مثل هذا القرار يعتبر من الامور الاجتماعية التى تهم كل اسرة فقد طرحت هذا الموضوع للمناقشة فى أحد اجتماعاتى الشهرية فأثار اهتمام الجميع وكانت الغالبية العظمى ضد أى اتجاة للتوسع فى فتح الباب امام المراة للانضمام الى القوات المسلحة وأخيرا استقر الرأى على أن نفتح باب التطوع أمام المرأة لكى تشغل وظائف السكرتارية على أن تقتصر على العمل فى القواعد الخلفية وألا ترسل الى المناطق الامامية أو المناطق النائية وهكذا فتحنا باب التطوع للنساء فى القوات المسلحة للقيام باعمال السكرتارية واستقبلنا الفوج الاول منهم خلال عام 73 وتخرجت الدفعة الاولى فى نوفمبر 1973
وباضافة 30,000 ضابط و 370,000 رتبة أخرى الى القوات المسلحة كان فى استطاعتنا أن ننشئ مئات الوحدات خلال العامين ما قبل اكتوبر 73 وأننى لن أقوم بحصر هذة الوحدات وتعدادها نظرا لكثرتها ولكننى سأذكر فقط بعضا من هذة الوحدات التى ارتبط تشكيلها بخطة العبور ارتباطا وثيقا كاللواء البرمائى
لقد بدأنا نفكر فى انشاء هذا اللواء فى اواخر عام 1971 واتخذ قرار انشائة فى يناير 72 وكان الغرض من انشاء هذا اللواء هو دفعة فى عمق العدو عبر البحيرات او البحر بمهمة شل مراكز قيادة العدو وتعطيل تقدم احتياطاتة من العمق لقد كنا نعلم أن المعديات التى ستقوم بنقل دباباتنا الى الشاطئ الآخر لن تكون جاهزة للعمل قبل سعت 5 ساعة فى حين ان اللواء البرمائى يستطيع أن يعبر البحيرات فى أقل من ساعة بأعداد كبيرة من الدبابات والعربات ما يشكل تهديدا خطيرا لقيادات العدو وتحرك احتياطاتة لقد شكلنا هذا اللواء على غرار الوحدات الخاصة وزودناة بحوالى 20 دبابة برمائية و80 مركبة لنقل المشاة الميكانيكية MICV وفى 15 يونيو 72 أصدرت التوجية رقم 16 الذى ينظم عمل هذا اللواء وكان هذا التوجيةببيان عملى تم اجراؤة فى 28 اغسطس 72 وبحلول اكتوبر 72 كان اللواء قد أتم تدريبة وقام بأول مشروع تدريبى ليلى فى ليلة 22-23 اكتوبر 72 وفى خلال عام 73 استمر اللواء فى تدريباتة باسلوب اكثر عنفا وقد وصل مستواة الى الحد الذى جعلةيستطيع أن يبقى بمركباتة فى الماء لمدة تصل الى 6 ساعات متتالية وفى ليلة 18-19يوليو 73 قررت أن أختبر كفاءة هذا اللواء بمشروع تدريبى يكونأكثر صعوبة من الواجب الذى نكلفة بة أثناء العمليات وقد كان المشروع يشمل النقاط التالية ::
1-من مناطق تجمع قريبة من شاطئ البحر الابيض تنزل كتائب اللواء الى الماء ليلا ثم تسبح لمسافة 30 كم ثم تخرج الى الشاطئ عند نقاط محددة وفى توقيتات محددة
2- تتقدم بعد ذلك فى العمق حيث تقوم بتدمير مواقع العدو كما تقوم بصد وعرقلة احتياطات العدو المتقدمة من العمق .
لقد كانت المهمة التدريبية لاختبار اللواء أكثر صعوبة من واجب العمليات حيث كان واجب العمليات يتضمن عبور اللواء مسطحا مائيا يتراوح ما بين 5 -10 كم بينما كان المشروع التكتيكى يتطلب منة عبور 30 كم
ولكنى كنت دائما وما زلت أؤمن بضرورة التدريب الشاق حتى لا يفاجأ الجنود بظروف لم يتهيأو لمجابهتها لقد بقيت مع عناصر اللواء طوال الليل وقد نجحت احدى الكتائب فى تنفيذ مهمتها بينما ضلت الكتيبة الأخرى اتجاهها واستطاعت بصعوبة أن تصل الى الشاطئ فى غير المكان المحدد لها بعد أن فقدت مركبتين وعشرة أفراد وفى صباح اليوم التالى تمكنا من انقاذ سبعة افراد من العشرة المفقودين وثبت لدينا غرق الباقين وعلى الرغم من خسائرنا فى الافراد والمركبات فقد تعلمنا دروسا جديدة وكسب الضباط والجنود ثقة أكبر بدباباتهم ومركباتهم وبعد أقل من 80 يوما عوضنا الله عن تلك الارواح الثلاث عوضا كريما . لقد كان ثمن هذة الارواح هو المجد والكبرياء لرجال اللواء البرمائى الذى عبر البحيرات المرة يوم 6 أكتوبر 1973 فى أقل من ساعة زمنية وكان معة 20 دبابة و 80 مركبة برمائية دون اية خسائر فى المعدات او الرجال وعندما تلقيت هذا الخبر السعيد وأنا فى غرفة العمليات حوالى الساعة 1500 يوم 6 اكتوبر تذكرت الشهداء الثلاثة الذين فقدناهم فى التدريب وصليت من أجلهم
لقد كان أنشاء وحدات المهندسين يحظى لدينا دائما بالأولوية لأن عبور القناة هو فى المقام الأول عملية مهندسين اذ كان يتحتم على المهندسين طبقا للخطة أن يقوموا يتنفيذ المهام التالية .
1- فتح 70 ثغرة فى الساتر الترابى على الجانب البعيد كل منها 1500 متر مكعب .
2- انشاء 10 كبارى ثقيلة لعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة
3- انشاء 5 كبارى خفيفة حتى يمكنها أن تجتنب نيران العدو وبالتالى تخفف من هجوم العدو على الكبارى الرئيسية وكانت هذة الكبارى تشبة الكبارى الثقيلة تماما ولكن حمولتها كانت أربعة أطنان فقط
4- بناء 10 كبارى اقتحام لعبور المشاة .
5- تجهيز وتشغيل 35 معدية .
6- تشغيل 720 قاربا مطاطيا لعبور المشاة .
وكانت جميع هذة المهام تتم تقريبا فى وقت واحد فقد كنا نفترض أن يتم فتح هذة الثغرات خلال ما بين 5 – 7 ساعات وتبدأ المعديات فى العمل فور اتمام فتح هذة الثغرات بينما يتم تركيب الكبارى بعد ذلك بحوالى ساعتين وبالاضافة الى عظم حجم هذة الاعمال وقصر الوقت المخصص لانجازها يجب ألا ننسى أن جميع هذة الاعمال كان يتمتحت نيران العدو وهجماتة المتكررة لذلك كان من واجبنا أن نقوم بعملية حساب دقيقة نستطيع بها أن نحدد حجم الوحدات المطلوبة لقد كان عدد وحدات المهندسين التى ساهمت فى عملية العبور القناة بطريق مباشر حوالى 35 كتيبة من مختلف التخصصات وان نجاح القوات المسلحة فى تشكيل وتدريب وحدات المهندسين اللازمة لعملية العبور هو المفاجأة الكبرى فى هذة الحرب لأن جميع دول العالم – الصديقة منها والعدوة – كان يعتقد باستحالة التغلب على هذة المشكلات ولقد سعدت كثيرا عندما قرأت مذكرات الجنرال اليعازر (ر . ا.ح .ق.م) الاسرئيلية خلال حرب اكتوبر عندما تكلم عن هذة النقطة حيث قال
أنة أثناء مناقشة على مستوى القيادة الاسرائيلية لدراسة احتمال عبور المصريين للقناة قال دايان وزير الحربية
" لكى يعبر المصريون قناة السويس فانة يلزمهم سلاح المهندسين الامريكى والسوفيتى مجتمعين لمساعدتهم فى ذلك "
ان هذة شهادة نعتز ونفخر بها وانى لا الوم دايان على المبالغة لانى أعرف جيدا مدى المجهود الذى بذل لتحقيق هذة المفاجأة
" ان عملية بناء القوات المسلحة لم تتوقف قط منذ هزيمة 67 حتى اكتوبر 73 وعندما تسلمت منصب (ر.أ.ح.ق .م.م) كانت القوات المسلحة تضم حوالى 800000 رجل
(36000 ضابط و764000 رتبة أخرى وفى أكتوبر 73 كانت القوات المسلحة قد وصلت الى 1,200,000 رجل
( 66000 ضابط و 1,134000 رتبة أخرى )
ان تجنيد وتدريب 400000 رجل
(30000 ضابط و 370000 من الرتب الاخرى )
فى فترة تزيد قليلا على السنتين يعتبر عملا صعبا وشاقا فكيف استطاعت مصر أن تقوم بهذا العمل الكبير ؟
لقد كانت مشكلة الضباط هى مشكلة المشكلات فقد كانت وحداتنا تشكو من النقص فى الضباط بنسبة تتراوح بين 30% و 40% وكان اجمالى النقص العام فى القوات المسلحة يصل الى حوالى 15000 ضابط فاذا أضفنا الى هذا الرقم ما نحتاجة من ضباط للوحدات الجديدة التى سوف تنشأ خلال العامين التاليين فقد قدرنا هذا ميعاد فعتة تسريح الجندى من د بحوالى 15000 ضابط أخر ومعنى ذلك أنة يتحتم علينا لكى نستكمل مرتبات الوحدات من الضباط اعداد 30000 ضابط فى خلال سنتين وبحساب طاقة كلياتنا العسكرية المتخصصة فى تدريب الضباط اعداد 30000 ضابط فى خلال سنتين وبحساب طاقة كلياتنا العسكرية المتخصصة فى تدريب الضباط اتضح لى أن اقصى طاقة تعمل بها هذة الكليات هو 3000 ضابط بكل عام وهذا يعنى اننا نحتاج لعشر سنوات على الاقل اذا أردنا أن تحل هذة المشكلة بالوسائل التقليدية ومن ناحية أخرى فانة لا يجوز السكوت عن هذا الموقف
لان العجز فى كوادر الضباتط يؤثر تأثيرا خطيرا على كفاءة القوات المسلحة ان الضابط هو القائد والمعلم لجنودة فمن الذى يعلم الجندى ومن الذى يقودة اذا لم يتوافر هذا الضابط
لكى أجد مخرجا لهذا الموقف قررت أن أنشئ كوادر جديدة من الضباط يطلق عليها " ضابط حرب "
هذا الضابط يتم انتقاؤة من بين الجنود المثقفين ويجرى تدريبة تدريبا مركزا لمدة تتراوح ما بين 4-5 اشهر فى تحصص واحد بحيث يصبح على مستوى عال فى تخصصة على ان تكون معلوماتة العامة عن التخصصات الاخرى محدودة وبالقدر الذى يسمح لة بالتعاون مع تلك التخصصات
ان تدريب هذا الضابط يهدف الى تأهيلة لتولى وحدة صغرى وان يبقى بها الى ان تنتهى الحرب فيتم تسريحة وعند البحث عن المثقفين من بين الجنود اتضح لى وجود 25000 جندة او ضابط صف حائزعلى درجة جامعية فكان من البديهى أن يكون هؤلاء الجنود هم القاعدة التى يمكن أن ننتقى منها هؤلاء المرشحين للتأهيل لرتبة ضابط وكنت متحمسا لهذا المشروع لأنة لك يكن يحل لنا مشكلة الضباط فحسب بل لأنة كان سوف يساعدنا على حل احدى مشكلات الضبط والربط فقد كان هؤلاء الجنود المثقفين دائمى الشجار مع قادتهممن الضباط الاصاغر الذين كانوا فى كثير من الأحيان أقل منهم سنا وثقافة عامة وكانت المشكلات تزداد بين الطرفين اذا تصادف وجود سابق معرفة بين الضابط والجندى قبل الانخراط فى الجندية سواء عن طريق المدرسة أم عن طريق الانتماء الى قرية واحدة ام حى واحد
كان اعتقادى انالجنود المثقفين سيرحبون بهذة الخطوة ولكنى فوجئت بعدم تحمسهم لهذا المشروع فقد كانت الغالبية منهم تفضل البقاء بدرجة جندى أو ضابط صف كانوا يتصورون ان ترقيتهم لرتبة ضابط قد تربطهم بالقوات المسلحة فلا يسرحونمن الخدمة عندما يحين أجل تسريح دورتهم
وقد قمت باجراء عدة لقاءات معهم لكى أشرح لهم الموقف والدوافع لهذا المشروع ووعدتهم بأن تسريح الضابط منهم لن يتأخر يوم واحدا عن ميعاد تسريح الجندى من دفعتة وبعد الكثير من التوعية أقبل الكثيرون منهم على التطوع وأمكن تأهيل وترقية 15000 رجل منهم الى رتبة الملازم كما قمنا بتأهيل 10000 آخرين من بين خريجى الجامعات الذين جندوا فى عامى 71 و72 وبذلك كان لدينا قبل يونيو 73 " 25000 ضابط حرب "
أضف الى ذلك 5000 ضابط عادى تم تدريبهم وتأهيلهم فى الكليات العسكرية قأصبح اجمالى من تم تأهيلهم وتدريبهم خلال سنتين هو 30000 ضابط وقبل بدء العمليات فى اكتوبر 73 لم تكن القوات المسلحة استكملت كوادرها من الضباط فحسب بل كان لدينا فائض يقدر بحةالى 1-2 % فى كل تخصص لمقابلة الخسائر المحتملة فى أثناء القتال .
ان تجنيد الجند وتأهيلة هى عملية أقل صعوبة من مشكلة انتقاء وتأهيل الضباط ولكنها مع ذلك لم تكن عملية بسيطة لقد جندنا ما بين يونيو 71 ويونيو 73 حوالى 400000 شاب حتى يمكننا أن نستكمل وحداتنا التى كانت قائمة فعلا ولكى نواجة المتكلبات المتعلقة بانشاء وحدات جديدة ان مصر ذات ال 35 مليون كانت من الناحية الواقعية عاجزة عن امداد قواتها المسلحة سنويا بحوالى 160000 شاب ذوى مستوى ثقافى وصحى ستناسب مع متكلبات القوات المسلحة لقد كان عدد الشبان الذين يصلونالى سن التجنيد سنويا هو حوالى 3500000 ( ثلاثمائة وخمسون الفا ) ونظرا لانخفاض المستويين الثقافى والصحى بين المجندين لم نكن نستطيع أن نحصل من بينهم على أكثر من 120,000 شاب ممن ينطبق عليهم الحد الادنى من المستويات الثقافية والصحية وهكذا كانت احتياجاتنا الفعلية تفوق مواردنا بحوالى 40,000 رجل سنويا وأمام هذا الموقف وجدتنفسى مضطرا الى قبول مستويات أقل ثقافيا وصحيا رغم المعارضة الشديدة التى أثارها رجال الخدمات الطبية حول انخفاض مستوى اللياقة الطبية كذلك حاولت أن أفتح مجال التطوع أمام المرأة للانضمام الى القوات المسلحة ولكن نظرا لأن مثل هذا القرار يعتبر من الامور الاجتماعية التى تهم كل اسرة فقد طرحت هذا الموضوع للمناقشة فى أحد اجتماعاتى الشهرية فأثار اهتمام الجميع وكانت الغالبية العظمى ضد أى اتجاة للتوسع فى فتح الباب امام المراة للانضمام الى القوات المسلحة وأخيرا استقر الرأى على أن نفتح باب التطوع أمام المرأة لكى تشغل وظائف السكرتارية على أن تقتصر على العمل فى القواعد الخلفية وألا ترسل الى المناطق الامامية أو المناطق النائية وهكذا فتحنا باب التطوع للنساء فى القوات المسلحة للقيام باعمال السكرتارية واستقبلنا الفوج الاول منهم خلال عام 73 وتخرجت الدفعة الاولى فى نوفمبر 1973
وباضافة 30,000 ضابط و 370,000 رتبة أخرى الى القوات المسلحة كان فى استطاعتنا أن ننشئ مئات الوحدات خلال العامين ما قبل اكتوبر 73 وأننى لن أقوم بحصر هذة الوحدات وتعدادها نظرا لكثرتها ولكننى سأذكر فقط بعضا من هذة الوحدات التى ارتبط تشكيلها بخطة العبور ارتباطا وثيقا كاللواء البرمائى
لقد بدأنا نفكر فى انشاء هذا اللواء فى اواخر عام 1971 واتخذ قرار انشائة فى يناير 72 وكان الغرض من انشاء هذا اللواء هو دفعة فى عمق العدو عبر البحيرات او البحر بمهمة شل مراكز قيادة العدو وتعطيل تقدم احتياطاتة من العمق لقد كنا نعلم أن المعديات التى ستقوم بنقل دباباتنا الى الشاطئ الآخر لن تكون جاهزة للعمل قبل سعت 5 ساعة فى حين ان اللواء البرمائى يستطيع أن يعبر البحيرات فى أقل من ساعة بأعداد كبيرة من الدبابات والعربات ما يشكل تهديدا خطيرا لقيادات العدو وتحرك احتياطاتة لقد شكلنا هذا اللواء على غرار الوحدات الخاصة وزودناة بحوالى 20 دبابة برمائية و80 مركبة لنقل المشاة الميكانيكية MICV وفى 15 يونيو 72 أصدرت التوجية رقم 16 الذى ينظم عمل هذا اللواء وكان هذا التوجيةببيان عملى تم اجراؤة فى 28 اغسطس 72 وبحلول اكتوبر 72 كان اللواء قد أتم تدريبة وقام بأول مشروع تدريبى ليلى فى ليلة 22-23 اكتوبر 72 وفى خلال عام 73 استمر اللواء فى تدريباتة باسلوب اكثر عنفا وقد وصل مستواة الى الحد الذى جعلةيستطيع أن يبقى بمركباتة فى الماء لمدة تصل الى 6 ساعات متتالية وفى ليلة 18-19يوليو 73 قررت أن أختبر كفاءة هذا اللواء بمشروع تدريبى يكونأكثر صعوبة من الواجب الذى نكلفة بة أثناء العمليات وقد كان المشروع يشمل النقاط التالية ::
1-من مناطق تجمع قريبة من شاطئ البحر الابيض تنزل كتائب اللواء الى الماء ليلا ثم تسبح لمسافة 30 كم ثم تخرج الى الشاطئ عند نقاط محددة وفى توقيتات محددة
2- تتقدم بعد ذلك فى العمق حيث تقوم بتدمير مواقع العدو كما تقوم بصد وعرقلة احتياطات العدو المتقدمة من العمق .
لقد كانت المهمة التدريبية لاختبار اللواء أكثر صعوبة من واجب العمليات حيث كان واجب العمليات يتضمن عبور اللواء مسطحا مائيا يتراوح ما بين 5 -10 كم بينما كان المشروع التكتيكى يتطلب منة عبور 30 كم
ولكنى كنت دائما وما زلت أؤمن بضرورة التدريب الشاق حتى لا يفاجأ الجنود بظروف لم يتهيأو لمجابهتها لقد بقيت مع عناصر اللواء طوال الليل وقد نجحت احدى الكتائب فى تنفيذ مهمتها بينما ضلت الكتيبة الأخرى اتجاهها واستطاعت بصعوبة أن تصل الى الشاطئ فى غير المكان المحدد لها بعد أن فقدت مركبتين وعشرة أفراد وفى صباح اليوم التالى تمكنا من انقاذ سبعة افراد من العشرة المفقودين وثبت لدينا غرق الباقين وعلى الرغم من خسائرنا فى الافراد والمركبات فقد تعلمنا دروسا جديدة وكسب الضباط والجنود ثقة أكبر بدباباتهم ومركباتهم وبعد أقل من 80 يوما عوضنا الله عن تلك الارواح الثلاث عوضا كريما . لقد كان ثمن هذة الارواح هو المجد والكبرياء لرجال اللواء البرمائى الذى عبر البحيرات المرة يوم 6 أكتوبر 1973 فى أقل من ساعة زمنية وكان معة 20 دبابة و 80 مركبة برمائية دون اية خسائر فى المعدات او الرجال وعندما تلقيت هذا الخبر السعيد وأنا فى غرفة العمليات حوالى الساعة 1500 يوم 6 اكتوبر تذكرت الشهداء الثلاثة الذين فقدناهم فى التدريب وصليت من أجلهم
لقد كان أنشاء وحدات المهندسين يحظى لدينا دائما بالأولوية لأن عبور القناة هو فى المقام الأول عملية مهندسين اذ كان يتحتم على المهندسين طبقا للخطة أن يقوموا يتنفيذ المهام التالية .
1- فتح 70 ثغرة فى الساتر الترابى على الجانب البعيد كل منها 1500 متر مكعب .
2- انشاء 10 كبارى ثقيلة لعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة
3- انشاء 5 كبارى خفيفة حتى يمكنها أن تجتنب نيران العدو وبالتالى تخفف من هجوم العدو على الكبارى الرئيسية وكانت هذة الكبارى تشبة الكبارى الثقيلة تماما ولكن حمولتها كانت أربعة أطنان فقط
4- بناء 10 كبارى اقتحام لعبور المشاة .
5- تجهيز وتشغيل 35 معدية .
6- تشغيل 720 قاربا مطاطيا لعبور المشاة .
وكانت جميع هذة المهام تتم تقريبا فى وقت واحد فقد كنا نفترض أن يتم فتح هذة الثغرات خلال ما بين 5 – 7 ساعات وتبدأ المعديات فى العمل فور اتمام فتح هذة الثغرات بينما يتم تركيب الكبارى بعد ذلك بحوالى ساعتين وبالاضافة الى عظم حجم هذة الاعمال وقصر الوقت المخصص لانجازها يجب ألا ننسى أن جميع هذة الاعمال كان يتمتحت نيران العدو وهجماتة المتكررة لذلك كان من واجبنا أن نقوم بعملية حساب دقيقة نستطيع بها أن نحدد حجم الوحدات المطلوبة لقد كان عدد وحدات المهندسين التى ساهمت فى عملية العبور القناة بطريق مباشر حوالى 35 كتيبة من مختلف التخصصات وان نجاح القوات المسلحة فى تشكيل وتدريب وحدات المهندسين اللازمة لعملية العبور هو المفاجأة الكبرى فى هذة الحرب لأن جميع دول العالم – الصديقة منها والعدوة – كان يعتقد باستحالة التغلب على هذة المشكلات ولقد سعدت كثيرا عندما قرأت مذكرات الجنرال اليعازر (ر . ا.ح .ق.م) الاسرئيلية خلال حرب اكتوبر عندما تكلم عن هذة النقطة حيث قال
أنة أثناء مناقشة على مستوى القيادة الاسرائيلية لدراسة احتمال عبور المصريين للقناة قال دايان وزير الحربية
" لكى يعبر المصريون قناة السويس فانة يلزمهم سلاح المهندسين الامريكى والسوفيتى مجتمعين لمساعدتهم فى ذلك "
ان هذة شهادة نعتز ونفخر بها وانى لا الوم دايان على المبالغة لانى أعرف جيدا مدى المجهود الذى بذل لتحقيق هذة المفاجأة
تعليقات
إرسال تعليق