سلاح البترول فى حروب الشرق الاوسط والخدعة الكبرى

 سلاح البترول 

فى حروب الشرق الاوسط والخدعة الكبرى  

حظر البترول عن الغرب لم يكن فكرة وليده بعام 1973  

اعداد / محمد شوقى السيد   


اولا - حظر النفط عن الغرب ابان العدوان الثلاثى على مصر  1956  

اجتماع جامعة الدول العربية قمة بيروت 1956 ( العرب يقفون سويا ضد العدوان الثلاثى) 

قمة بيروت 1956 ويظهر بالصورة من اليمين الى اليسار كميل شمعون الرئيس اللبنانى سعود بن عبد العزيز الملك السعودى شكرى القوتلى الرئيس السورى حسين بن طلال الملك الاردنى فيصل الثانى ملك العراق  

التعامل العربى الرسمى مع العدوان الثلاثى
عقدت القمة العربية فى 13 نوفمبر 1956 بدعوة من الرئيس اللبنانى كميل شمعون إثر الاعتداء الثلاثى على مصر وقطاع غزة شارك فى القمة العربية تسعة رؤساء وملوك عرب وصدر عنها بيان ختامى أجمع فيه القادة العرب على : 
* مناصرة مصر ضد العدوان الثلاثى وفى حالة عدم امتثال الدول المعتدية لقرارات الأمم المتحدة وامتنعت عن سحب قواتها فإن الدول العربية المجتمعة ستلجأ الى حق الدفاع المشروع عن النفس واعتبار سيادة مصر هى أساس حل قضية السويس 
* تأييد نضال الشعب الجزائرى من أجل الأستقلال    
 

نسف أنابيب بترول الشرق الاوسط وأغلاق قناة السويس بأغراق سفن بمداخلها   

عبد الحميد السراج ينسف خط انابيب البترول خط العراق بانياس

استدعى «عبد الحميد السراج» صديقه الضابط مهندس المقدم «هيثم الأيوبى» وطرح عليه فكرة نسف خط الانابيب، لكنه قال، إنها تحتاج إلى ثلاث أطنان من الديناميت ووسائل نقل وحراسة لتأمين المهمة المطلوبة، واستطاع السراج تدبير هذه الأشياء من مخازن الجيش عبر صديق له، وأمكن ترتيب ثلاث سيارات وقوة حراسة صغيرة، وقاد القافلة كلها هيثم الأيوبى، وتوقفت بحذر على طريق محطات الضخ، وآخرها فى دير الزور على بعد سبعمائة وخمسين كيلو مترا من دمشق، وفى يوم «3 نوفمبر 1956» الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تم نسف المحطة الأولى فى تدمر، وفى الساعة الرابعة صباحا تم نسف الثانية، وفى السابعة صباحا تحولت المحطة الثالثة فى دير الزور إلى حطام وأنقاض.

تلقى السراج إشارة باللاسلكى من «الأيوبى» بنجاح التنفيذ، وذهب السراج إلى بيته لينام، لكنه فوجئ بمن يدق الباب عليه، وذهب إلى سراى الحكومة، ثم إلى مكتب نائب الرئيس ناظم القدسى الذى سأله عما جرى للمحطات فرد باختصار: «طارت، طارت»، فسأله: «كيف طارت؟، رد السراج: نسفت من أساسها، ولا يمكن إصلاحها قبل شهور»

أغلاق مداخل قناة السويس 

لعدم دخول سفن وقطع حربية معادية وقطع البترول عن الغرب 

خلال معارك العدوان الثلاثي التي بدأت فى 29 أكتوبر وحرصا على منع دخول غواصات القوات المعادية للقناة أغرقت الإدارة المصرية عدة قطع بحرية في المدخل الجنوبي والشمالي للقناة من بينهما السفينتين النيل عند السويس جنوبا وسوريا في بورسعيد شمالا

 ويذكر أن 48 عائمة كبيرة ما بين سفينة وقاطرة وقطع بحرية غرقت أو أغرقت عمدا بالمجرى الملاحي، كما أصيب كوبري الفردان و15 وحدة صغيرة من وحدات القناة.

نتيجة لذلك توقفت الملاحة بالقناة 165 يوما، ولم تعد الملاحة إلا بعد التطهير ورفع العائمات والقطع والسفن الغارقة.

في 9 ابريل 1957 أعلنت الإدارة المصرية لقناة السويس_ قبل انشاء هيئة مستقلة لها_انتهاء اعمال التطهير وعادت الملاحة مرة أخرى صباح اليوم التالي




ثانيا - قطع البترول عن الغرب ابان عدوان يونيو  1967

الحظر النفطى 1967 

 قرارات وزراء النفط العرب خلال 9 يونيو - 18 يونيو مؤتمر وزراء النفط في بغداد قام عدد من الدول العربية بإصدار بيان يشمل قرارين بالإجماع بالاجماع:

  1. «لا يسمح بوصول النفط العربي بشكل مباشر أو غير مباشر للدول المعتدية أو البلدان المشاركة في العدوان على سيادة أي دولة عربية أو أراضيها أو مياهها الإقليمية، ولا سيما خليج العقبة».
  2. «مشاركة أي بلد، بشكل مباشر أو غير مباشر في العدوان المسلح ضد الدول العربية سوف تجعل أصول شركاته ومواطنيه داخل أراضي البلدان العربية تخضع لقوانين الحرب، ويشمل ذلك أصول شركات النفط.»

الحظر النفطى على ارض الواقع عقب يونيو 1967 

قامت الدول المنتجة للبترول بمنع التصدير للدول المتحالفة مع إسرائيل و كانت العراق أولى دول المنع يوم 6 يونيو ليتم التعميم شكلاً على دول العالم كله ثم في 12 يونيو تم قصر الحظر فقط على دولتي الولايات المتحدة و بريطانيا ، في الواقع كانت الخلافات و الإشكاليات بين أنظمة الحكم قد حولت الحظر لمجرد عمل شكلي إذ إستمرت شحنات النفط ترسل للعالم كله و منه إلى الدولتين المحظورتين كمحاولة للتهرب من القرارات ، لم ينجح حظر النفط في توحيد القرار ولا حتى حظره فعلا عام 1967 

حيث كان ملك السعودية فيصل يتزعم جبهة رفض الحظر البترولى فكان دائما يصرح أن البترول ليس سلاحا بل هو مورد اقتصادى يتعين استخدامه فى حدود المصالح الاقتصادية والتجارية وقد قاوم فيصل بشده ما اتجهت اليه العراق بعد حرب 1967 بمنح تصدير النفط للدول المتحالفة مع اسرائيل وعلى رأسها امريكا وبريطانيا والذى طبقته فعليا بدءا من 6 يونيو لكن فيصل أفشل المنع واستمر فى إرسال شحنات البترول كالمعتاد 

وتحمل فيصل ضغوطا شعبية هائلة قادتها مجموعات شعبية وعمالية متأثرة بالمد القومى الناصرى لوقف امدادات البترول عن الغرب ومطالبة بتأميم شركة ارامكو , رافضا التخلى عن علاقته مع الامريكا وقطع النفط عنها  

 كانت السعودية الدولة الاخيرة في وقف النفط للولايات المتحدة و لم تتخذ موقفها الا بعد اعمال تفجير و تخريب شعبية في جدة ضد المصالح الامريكية و السفارة و البعثة العسكرية و محاولة تفجير ناقلتي نفط برأس تنورة و حتى حينما حاول فيصل مخاطبة شعبه لتقديم مبرر لبقاء التصدير قوطع لول مرة في حياته من الحضور بهتافات معادية له و لسياساته و مطالبة بمنع النفط ، ثم تلاها اعمال اعتداء على مقر ارامكو بالرياض و اضرب عمال ارامكو و امتدت التظاهرات للدمام و ابقيق و الخبر و الظهران و اجبرت المضخات على ايقاف الضخ ، في الواقع لم تستقر الامور الا بعد قمة الخرطوم 30 اغسطس 1967    

قرار القمة العربية بالخرطوم 

ولما علم فيصل أن مسألة الحظر البترولي ستطرح بالمؤتمر، استنجد بدهائه الذي دله على المخرج، فأعلن أنه يقترح عدم حظر تصديره على أن يستخدم جزءًا من عوائد التصدير لمساعدة دول المواجهة، وكجزء من المجهود اللازم لمواجهة العدوان، وقد تم تمرير مقترحه مستغلًا الاحتياج المالي لتلك الدول وعلى رأسها مصر من أجل رفع آثار الهزيمة، ودعم خطط إعادة البناء والإعداد للمعركة المتوقعة مع العدو الصهيوني. .. كان فيصل بالواقع يدفع ثمنا ماليا لبقائه على عرشه وليعيد الانضباط الى دولته وبنفس الوقت كان يحافظ على مصالح الامريكان ويمنع حظر النفط عنهم     


صراع زعامة وقيادة العرب والشرق الاوسط بين ناصر وفيصل 

كان فيصل يطلب الزعامة التي حُجبت عنه في وجود عبد الناصر صاحب القول الصادق والكاريزما الطاغية، وكان الأمريكان يساندون مطلبه، وكانت معركة البترول تلك هي الطريق لذلك المطلب الغالي، بالإضافة إلى حصاد عظيم من الفوائد فازت به السعودية والولايات المتحدة معا .

«حظر البترول» هو عنوان لفيلم أمريكي حوى الكثير من الإثارة المفتعلة والأكاذيب الفجة كعادة تلك الأفلام، وأنيط فيه دور البطولة للملك فيصل، وعندما استدعت (الحبكة) الدرامية للفيلم الأمريكي تجاهل الأطراف الحقيقة التي صنعت هذا النصر فعُهد إلى السادات -المتطلع دومًا للأضواء- بالدور الثاني أو ما يطلق عليه بلغة السينما المصرية (السنيد)، حيث قام بمساعدة فيصل على القيام بدوره عبر تسليط الأضواء عليه، وبنفس الوقت قام بإنكار كل دور للأبطال الحقيقيين، وتولى مهاجمتهم والانتقاص من أدوارهم.

وبالعودة إلى فيصل تحديدًا سنجد أنه كان يتزعم جبهة رفض الحظر البترولي، رافعًا نفس الشعار، فكان يصرح أن البترول ليس سلاحًا، بل هو مورد اقتصادي يتعين استخدامه في حدود المصالح الاقتصادية والتجارية، وقد قاوم فيصل بشدة ما اتجهت إلية العراق بعد حرب عام 1967 بمنع تصدير النفط للدول المتحالفة مع إسرائيل وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، والذي طبقته فعليًّا بدءًا من يوم 6 يونيو، لكن فيصل أفشل المنع واستمر في إرسال شحنات البترول كالمعتاد.

وتحمل فيصل ضغوطًا شعبيةً هائلةً قادتها مجموعات شعبية وعمالية متأثرة بالمد القومي الناصري لوقف إمدادات البترول عن الولايات المتحدة ولتأميم شركة أرامكو، رافضًا التخلي عن علاقته مع الأمريكان وقطع النفط عنها، واستمرت تلك الحالة من الاضطرابات حتى قمة الخرطوم في 29 أغسطس عام 1967.

وإلى الخرطوم رحل فيصل محملًا بالقلق من تنامي الاحتجاجات الشعبية في بلاده، ملقيًا على عبد الناصر الاتهام بمحاولة زعزعة عرشة، وفي نفس الوقت كان فيصل ذاهبًا إلى هناك محملًا بروح الشماتة والتشفي، ممنيًا نفسه أن يرى خصمه عبد الناصر في الخرطوم منكسرًا جراء الهزيمة، منتشيًا من تخيل صورة الجماهير الغاضبة التي ستخرج لإهانة عبد الناصر المنهزم والنيل من كرامته.

ولكن فيصل خزلته أمنياته ليفاجئ بالاستقبال الأسطوري من الشعب السوداني لـ«عبد الناصر»، ذلك الاستقبال الذي عبرت عنه المجلة الأمريكية «نيوزويك» بأن وضعت على غلافها صورة لـ«عبد الناصر» وسط موكب الجماهير الهادر بتعليق: «أهلًا أيها المهزوم».

ونعود للمشهد في الخرطوم لنسجل واقعة كانت بمثابة نار أكلت قلب فيصل الذي جاء يحمل لعبد الناصر اتهاماته وتشفيه، ولتجبره الظروف والأقدار على مشاهدة تفاصيل استقبال خصمه اللدود عبد الناصر، الذي كان قد وصل قبله بقليل إلى مطار الخرطوم، وبينما كانت طائرة فيصل تحط على أرض المطار، تحرك موكب عبد الناصر تحيط به الجماهير الهادرة كأمواج البحر تهتف له وتطالبه بالثأر، وكان التزاحم قد تسبب في بطء حركة الموكب الذي تحرك بين الجماهير بصعوبة شديدة.

بينما فيصل كان قد خرج من المطار وبدأ موكبه يحاول السير نحو العاصمة السودانية لكن الطريق أمامه كان مسدودًا بالجماهير التي تزحف وراء موكب عبد الناصر، فلحق موكبه بمجموعات متناثرة منهم، والذين ما أن علموا أنه موكب فيصل حتى اعترضوه وهتفوا بعفوية: (وراء جمال يا فيصل)، (يا فيصل امش وراء جمال عبد الناصر)، (من لا يمشي وراء جمال عبد الناصر خائن)، بينما مجموعات أخرى بمجرد رؤيتها لموكب فيصل علت أصواتها بالهتافات لجمال عبد الناصر في وجه فيصل الذي زعزع هذا الموقف وجدانه.



الخدعة التاريخية الكبرى 

 الفيلم الامريكى السعودى بعنوان "حظر النفط .وتعاظم ثروات الخليج"

حصر بطولة حظر النفط العربى عن الغرب للدور السعودى بحرب اكتوبر 1973 

"دول الخليج وعلى رأسها السعودية تدين لمصر وسوريا بتعاظم ناتج ثرواتها البترولية بحرب اكتوبر 1973 وما بعدها وليس كما يروج له اعلام السعودية وامريكا وما يدور فى فلكهم "  

لكى نعرف كيف كان تأثير ونتائج حظر النفط بعام 1973 على مختلف القوى العالمية 

 علينا معرفة الواقع الاقتصادى حينها وقبلها 


الواقع الاقتصادى لسوق النفط العالمى قبل 1973 وتأثيراته العالمية 

** - إلغاء بريتون وودز:
في 15-8-1971 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الناص على كون الدولار مرجعية للعملات بسعر صرف محدد له وربط الدولار بالذهب بحيث يكون قابلاً للتحويل ذهباً فور الطلب، كانت النتائج الفورية خروج الاسترليني من بريتون وودز تلقائياً و بداية تعويم العملات الأجنبية بالنسبة للدولار من الدول الصناعية وبالتالي انخفضت قيمة الدولار عالمياً وكانت أخطر الانعكاسات أن بات منتج النفط الأمريكي يحصل في النهاية على أقل من “الدخل الحقيقي” بالدولار بحكم كونه معيار النفط أو بمعنى آخر كانت الخسائر على المدى الطويل هائلة مما دفع منظمة الأوبك لتجنب الخسائر بالإعلان عن أنها تقبل بيع النفط بالذهب في إشارة لسوء حالة الدولار كمعيار للنفط و حتمية الخسارة فيه خاصة بعد قيام نيكسون في مايو 1973 بخفض قيمة الدولار 15% مما دفع السعودية لزيادة الانتاج مرغمة لتعويض الخسارة و زاد إنتاج السعودية بنسبة 43%، والإمارات 30.4 %، وقطر 31.1، وليبيا 1.3%، والجزائر 5.8% و كانت لهذه الأمور معاً آثار عرفت بأزمة السبعينيات أو أزمة العام 1972.

** - أزمة 1972:
ببداية عام 1972 تعرضت الولايات المتحدة لأزمة وقود
 نتيجة للفقرة السابقة وأسباب أخرى و أغلقت كثير من محطات الوقود أبوابها و تقلصت الكميات المرسلة للمستهلكين و لم يكن الأمر أزمة طاقة عمليا بل أزمة في سوق النفط فأمريكا بكل مواردها لا يمكن عملياً أن تقع في تلك الأزمة لكن المشكلة في رداءة “تنسيق استخدام وإنتاج الطاقة” لعدة أسباب أهمها تقليص إنتاج الطاقة من نفط و فحم عبر سلسلة قوانين لحماية البيئة بين عام 1970 و 1971 أهمها قوانين الهواء النقي أغسطس 1971 و المياة النقية فبراير 1972 مما شكل تقليص لإنتاج الطاقة مع رفض الحكومة المركزية طلب رفع معدل إنتاج البترول محلياً المقدم من منتجي النفط المحليين المتخوفين من السماح باستيراد مفتوح للنفط يجعل النفط المستورد من الخليج العربي أرخص من الإنتاج المحلي فتنهار أعمالهم مما ولد أزمة كبيرة في كمية الطاقة المطروحة وبهذا باتت أمريكا بين خيارين الأول إما رفع سعر النفط داخل البلاد والسماح باستخدام آبار جديدة ورفع الإنتاج وتغيير قوانين البيئة أو تسمح بتدفق النفط المستورد مما سيحول النفط المستورد لأرخص من النفط المحلي بحكم فارق الأسعار بين ما تصدره دول النفط و بين السعر المحلي فيكون النفط المستورد رائج بينما الإنتاج المحلي يصاب بالركود، كان قرار الحكومة حلاً مؤقتًا جداً عبر زيادة حصص الاستيراد ومن الجانب المقابل أعفى شركات البترول من الضرائب ل 5 سنوات لكل انواع الزيوت المستورد للتكرير (الكمية 5% فقط من إحتياجات الولايات المتحدة كلها منها فقط 18% مستورد من البلاد العربية بما يساوي في احسن الاحوال 2% فقط من مجمل الاستيراد الامريكي و حسب مصادر اخرى فإنها تزيد إلى 4-10% و لكن بشكل غير دقيق) 

على الجانب الاقتصادي الاخر من العالم كانت اوروبا بإنعدام إنتاجها النفطي تقريبا وصلت لدرجة إستيراد 80% من إحتياجاتها النفطية و اليابان 90% مما جعل المشكلة حاضرة إلى عام 1973 حينما قامت الحرب في السادس من اكتوبر ليتغير كل شئ ليس فقط لصالح الولايات المتحدة إقتصادياً و لصالح الإدارة الامريكية و الشركات البترولية بل لصالح المنافسة مع اوروبا و اليابان بصورة مثيرة للسخرية فبينما نعتبر ازمة 1973 ضاربة لأمريكا في الواقع هي حلت المشكلات بشكل سحري كما سنرى الان إن شاء الله!

الاهرام 9 أكتوبر 1973 مفاروضات اليابان للتغلب على ازمة النفط  


  أزمة النفط عام 1973 وتسلسل احداثها 

* في أغسطس 1973 التقى الملك فيصل بالمُمثّل الأمريكي لشركة أرامكو (حيث كانت ملكية الشركة تشترك فيها السعودية وأمريكا) فأخبره أن السعودية قد تستخدم سلاح النفط للدفاع عن القضية الفلسطينية. 
* التقى المُمثّل بعد ذلك بوزير الداخلية الأمير فهد الذي أكد على قوة علاقته بأمريكا وإيمانه بأن مصلحة السعودية تكمن في تلك العلاقة وأنه بصفته رئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن سيحرص أن تبقى السياسة النفطية تحت السيطرة.
البرقية من ويكيلكس



*  في سبتمبر 1973 زار الملك فيصل السفارة الألمانية ليؤكد عمق العلاقة بين السعودية وأمريكا وعلى ضرورة أن تسعى ألمانيا والسعودية للتقرب من أمريكا وحفظ العلاقات معها فعدتها السفارة تراجعا عن التهديد.
البرقية من ويكيلكس

* في 10 رمضان الموافق 6 أكتوبر كانت السعودية أمام اختبار حقيقي حين شنّت سوريا ومصر هجوما مشتركا لاستعادة الجولان وسيناء الذيْن احتلتهما إسرائيل عام 1967. تؤكد البرقيات السرية أن السعودية لم تكن تعلم عن الهجوم شيئا، بعكس الروايات التي تحاول إبراز دورها زاعمة أن استخدام النفط كان قد رُتّب له مسبقا لإنجاح المعركة. الواقع أن الملك فيصل بدا مستاءً من الهجوم لأنه سيضعه في موقف حرج مع الولايات المتحدة ولأنه سيبدو متخلفا عن الركب ولأن الاتحاد السوفيتي قد يجدها فرصة للنيل منه.
البرقية من ويكيلكس

* في 8 أكتوبر التقى محمود ملحس مساعد الأمير فهد بالسفير الأمريكي وأكد له أنه منزعج مما أقدمت عليه سوريا ومصر وأنه يعده عبثيا لكن السعودية ستضطر لمساعدتهما مراعاة للضغوط الداخلية.
البرقية من ويكيلكس

* ظهر سريعا التفوق العسكري العربي لدرجة أذهلت الدبلوماسيين الأمريكيين الذين علموا أن أمريكا ستزود إسرائيل بالسلاح فطلبوا من واشنطن أن يكون تدخلها هادئا.
البرقية من ويكيلكس



* كان المسؤولون السعوديون على علم بتسليح أمريكا لإسرائيل لكنها برّرت لهم ذلك بأن الاتحاد السوفيتي يزود العرب بالسلاح وأن ذلك يجعل الكفتين غير متساويتين.
البرقية من ويكيلكس


* عتّمت الصحافة السعودية على أي ذكر لتسليح أمريكا لإسرائيل بل ذهبت أبعد من ذلك فحذفت أجزاءً من خطبة للسادات يشير فيها إلى معونة أمريكا لإسرائيل؛ 
البرقية من ويكيلكس

وأخبرت وزارة الإعلام السفارة الأمريكية أنها أقدمت على ذلك تفاديا لتهييج المشاعر ضد أمريكا.
البرقية من ويكيلكس

في هذه الأثناء التقى السفير البريطاني بعدد من المسؤولين السعوديين وجميعهم بلا استثناء كان قلقا من أن السعودية قد تضطر للمشاركة الفعلية لأنها إن لم تفعل فسيحملها العرب المسؤولية حال الخسارة وسيلومونها حال الفوز وانتقد بعضهم بشدة السادات وبدأه للمعركة.
البرقية من ويكيلكس


* في 9 أكتوبر كان وزير الدولة للشؤون الخارجية عمر السقاف في الأمم المتحدة وهدد بقطع النفط، لكن يبدو أنه كان تصريحا ارتجاليا إذ إن السفارة البريطانية سألت سعود الفيصل عن ذلك فأخبرهم أنه لم يكن على علم مسبق.
البرقية من ويكيلكس



* صرّح الأمير سلطان أيضا أن السعودية ستقلل من إمدادات النفط لكن الخارجية السعودية أخبرت السفارة أن حديث الأمير سلطان عام ولا علاقة له بالظروف الراهنة. في ذات الأثناء أخبر مسؤولون سعوديون السفارة الأمريكية أنهم يستبعدون أن تخوض السعودية الحرب،
البرقية من ويكيلكس

 لكنها لا تستطيع أن تمكث هكذا ولذا فإن اضطرت للمشاركة فستكون مشاركتها رمزية.
البرقية من ويكيلكس

* في 10 أكتوبر أخبرت السعودية الأردن أنها سترسل كتيبة إلى سوريا فخاف رئيس الوزراء الأردني زيد الرفاعي من ذلك فاتصل بالسفارة الأمريكية في عمّان ليطلب منها أن تتواصل مع الملك فيصل لأن الأردن لن تستطيع أن ترفض.
البرقية من ويكيلكس


*  في هذه الأثناء كانت الصحافة السعودية تهوّل من دور السعودية وتشيد بمشاركتها في الجبهة السورية ولتتأكد أمريكا أن السعودية لن تُقدِم على شيء ولتُحكِم قبضتها راسلت وزارة الخارجية الأمريكية شركات الدفاع الأمريكية طالبة منها ألا تشترك في أي نشاط خارج الحدود السعودية. 
البرقية من ويكيلكس



* في 11 أكتوبر التقى الأمير نواف بن عبد العزيز السفير الأمريكي ليؤكد له حرص السعودية على علاقتها بأمريكا وعلى ضرورة وقف إطلاق النار وأكد له أن العرب لا يريدون تدمير إسرائيل بل تنفيذ قرار مجلس الأمن 242 القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
البرقية من ويكيلكس

* في 10 أكتوبر دعت الكويت الدول المُصدّرة للنفط لاجتماع عاجل لبحث استخدام سلاح النفط وجاءت الدعوة بعد تنامي ضغط البرلمان الكويتي والاحتجاجات الشعبية.
البرقية من ويكيلكس





 عدت السعودية المبادرة محرجة لأنها لا تريد المغامرة.
البرقية من ويكيلكس


 في ذات الوقت أكد ولي العهد الكويتي جابر الأحمد الصباح للسفير البريطاني أن الكويت “لا تريد أن تضر أصدقاءها فهي تحتاجهم”. 


* في 17 أكتوبر عُقد الاجتماع وسرعان ما وشى وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني بمجرياته التفصيلية للسفارة الأمريكية: كانت العراق وليبيا تقفان في الجانب “الرديكالي” فطالبا بقطع النفط تماما وقطع العلاقات مع أمريكا وسحب أرصدة الدولار لينهار، لكن السعودية واجهت بشدة كل تلك المقترحات، فدعت العراق الدول للانسحاب من الاجتماع لكن أحدًا لم يلحق بها. انتهى الاجتماع بعد التسوية إلى خفض نسبة الإنتاج 5% على الأقل شهريا وبأثر رجعي حتى حل القضية.
البرقية من ويكيلكس




* في 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي ريتشارد نكسون من الكونغرس اعتماد معونة عسكرية عاجلة لدعم إسرائيل بمبلغ 2.2 مليار دولار. كان التطور صارخا ولا يمكن كتمانه كما كُتِمت المعونات السابقة، فاضطرت السعودية لإعلان قطع النفط عن أمريكا بعد أن قامت ليبيا بذلك.
حاولت العراق استثمار الفرصة لرفع سقف الطموحات فطالبت بتأميم شركات النفط وسحب جميع الأرصدة العربية من الدولار وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع أمريكا ثم هاجم إعلام العراق السعودية واتهمها بالخيانة والوقوف على المصالح الأمريكية. وصرّح وزير النفط السوري أنه كان ينتظر إجراءات أقوى على الجبهة النفطية.
البرقية من ويكيلكس




قُسّمت الدول المستهلكة للنفط لثلاثة أقسام: دول مُقاطَعة وهي الدول التي تسلح إسرائيل ولا تنال من نفط السعودية شيئا (أمريكا وهولندا والبرتغال)، ودول مُحبّذة وهي الدول التي أدانت إسرائيل وتنال حصتها كاملة كما كانت قبل الحرب دون نقصان (بريطانيا وفرنسا وإسبانيا)، ودول غير مُحبّذة وهي الدول التي لم تنحز للعرب وتتأثر بالنقصان الشهري المتصاعد لإمدادات النفط (بقية دول العالم).
البرقية من ويكيلكس

لم يكن قرار قطع النفط مؤثرا على بقية العلاقات العسكرية والتجارية والدبلوماسية والشخصية بين السعودية وأمريكا.

* على الصعيد العسكري التقى نائب وزير الدفاع الأمير تركي بن عبد العزيز برئيس البعثة الأمريكية للتدريب العسكري في 21 أكتوبر (بعد الحظر بيومين) ليؤكد له أن السعودية اضطرت لاتخاذ هذه “القرارات السياسية” وأنها يجب ألا تؤثر في التعاون العسكري،

**وبعد أسبوع زار نائب رئيس شركة ريثيون الأمريكية للسلاح وزير الدفاع الأمير سلطان ليطمئن على استمرار صفقة شراء معدات دفاعية،

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1973JIDDA04725_b.html

ثم زار وفد سعودي ولاية جورجيا الأمريكية ليستلم طائرات حربية من شركة لوكهيد، 

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1973STATE223317_b.html

وتواصل رئيس الحرس الوطني الأمير عبد الله بن عبد العزيز مع السفارة الأمريكية طالبا صفقات للحرس الوطني.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1973JIDDA05461_b.html

أما على الصعيد الاقتصادي فأكّد رئيس مؤسسة النقد السعودي أنور علي للسفارة الأمريكية أن السعودية لا تنوي سحب أرصدتها من الدولار،وراسلت السفارة الأمريكية وزارة الخارجية الأمريكية لتبلغها أن بإمكان رجال الأعمال الأمريكيين القدوم وإتمام صفقاتهم كما كانوا 
البرقية من ويكيلكس

وأجريت مشاورات عن استمثار شركة جنرال موتر في السعودية.
البرقية من ويكيلكس

أما على الصعيد الدبلوماسي فاستمرت الاتصالات الدبلوماسية بين المسؤولين السعوديين والسفارة الأمريكية بل أُبلِغت أن السعودية لن تقطع علاقتها بأمريكا حتى لو قطعتها كل الدول العربية. وأكد أحمد زكي يماني أن علاقة السعودية بأمريكا ستكون أقوى مما كانت بعد انتهاء الأزمة.
البرقية من ويكيلكس

 وأكد الملك فيصل لوزير الخارجية الأمريكي هنري كسنجر أن المقاطعة لن تنتهي فحسب بل سيزداد الإنتاج النفطي عما كان عليه قبل الحرب.
البرقية من ويكيلكس

 أما وزير الدولة للشؤون الخارجية عمر السقاف فزار عددا من العواصم العربية (منها القاهرة ودمشق) ثم عاد ليبدي للسفارة الأمريكية استياءه من التوجه العربي “العدواني” لأنه وجد أنهم يعتقدون أن بإمكانهم الإثخان في إسرائيل ولم يكونوا حريصيين على إيقاف إطلاق النار وطلب من أمريكا أن تصدر تصريحا يعزّز من موقف “المعتدلين” (السعودية والمغرب وتونس).
البرقية من ويكيلكس

وفوق ذلك كله كانت العلاقات الشخصية بين المسؤولين السعوديين والأمريكيين متينة إذ كان السعوديون يسمون الأمريكيين “الأصدقاء”، وفي عيد الفطر لعام 1973 (في ظل توتر حاد على الجبهة المصرية الإسرائيلية) دعا وزير النفط أحمد زكي يماني السفير الأمريكي لقضاء إجازة العيد معه.
البرقية من ويكيلكس

كانت السعودية في وضع ممتاز: قدّمت أقل ما يمكن أن تقدمه، وحافظت على علاقات متينة بأمريكا، وحقق الملك فيصل منزلة نضالية لم يسبق له أن نالها(ولا تزال تذكر له إلى اليوم). 
البرقية من ويكيلكس

وعلاوة على ذلك كله زاد دخل السعودية نتيجة لزيادة لارتفاع الطلب على النفط وانخفاض العرض؛ حيث قدرت السفارة الأمريكية الزيادة بأنها من 4 إلى 8 مليارات دولار سنويًا.
البرقية من ويكيلكس

* في 26 نوفمبر 1973 عُقِدت قمة عربية في الجزائر وحضرها الملك فيصل وقررت القمة أن تترك المجال لكل دولة لتخفض من إنتاجها النفطي كما شاءت. أبدى السفير السعودي في بريطانيا عبدالرحمن الحليسي سعادته للسفير الأمريكي لأن هذا القرار سيخفف الضغط على السعودية.
البرقية من ويكيلكس

* في 22 ديسمبر عقدت أوبك اجتماعًا في طهران ومثّل السعودية وزير النفط أحمد زكي يماني وأصر فيه الشاه على رفع أسعار النفط من 3.05 دولار إلى 7 دولار. رفضت السعودية الارتفاع مطلقا لكن الشاه أكد أنه تشاور مع أمريكا وبريطانيا وكلاهما وافقا على الرفع. اتصل يماني بالسعودية فأمره الأمير فهد ألا يواجه الشاه وأن يقبل. عاد يماني من الاجتماع ليشي مجددا بمجرياته للسفير الأمريكي ويخبره أنه حاول جاهدا أن يقنعهم بتخفيض الأسعار، فأخبره السفير أن الولايات المتحدة -بعكس دعوى الشاه- لم توافق على الرفع فأجابه يماني أن السعودية ستدعو لاجتماع آخر عاجل لأعضاء أوبك للتراجع عن القرار. 
البرقية من ويكيلكس

وهذا ما جرى، ففي 8 يناير 1974 اجتمعت دول أوبك في جنيف وهددت السعودية بأن تخفض وحدها الأسعار.
البرقية من ويكيلكس

* في أواخر ديسمبر 1973 تلقى الملك فيصل رسالة من معمر القذافي يحرض فيها على السادات الذي بدأ مفاوضات السلام مع إسرائيل ويتهمه فيها بالخيانة، فسارع عمر السقاف في اليوم التالي إلى السفارة الأمريكية ليعرضها عليهم ويعرض عليهم مسودة رد الملك التي خطّأ فيها القذافي وحدثه عن ضرورة القبول بالحلول “الواقعية”.
البرقية من ويكيلكس

* في 18 يناير 1974 وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقا تنسحب بموجبه إسرائيل عن غرب قناة السويس (التي احتلتها بعد بدء الحرب) وتحافظ على سيطرتها على معظم سيناء، وبقيت الجبهة السورية دون تسوية. في أواخر يناير تصدّرت السعودية مساعي إلغاء المقاطعة عن أمريكا وسعت لإقناع بقية الدول ثم التقى عمر السقاف بالسفير الأمريكي ليبلغه بالردود التي تلقاها (لم يمانع إلا ليبيا)، واعترف السقاف للسفير أنه رغم سعادته بانتهاء الحرب إلا أن ما تم لا يمكن أن يعد إنجازا لهدف المقاطعة.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974JIDDA00495_b.html

في أوائل فبراير التقى السفير الأمريكي بنواف بن عبد العزيز (مستشار الملك فيصل) ومساعد بن عبد الرحمن (وزير الاقتصاد) وكلاهما أبلغاه أنه لو كان الأمر بيد الملك فيصل لألغى المقاطعة فورا لكنه يخشى من أن يناله نقد بقية الدول العربية وأن يُتّهم بشق الصف العربي ولذا فلن يتخذ قرارا قبل قمّة طرابلس التي عقدت أخيرا في 13 مارس. 

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974JIDDA00720_b.html

لم ينتج عن تلك القمة اتفاق لأن ليبيا أصرت على تأجيل إلغاء المقاطعة لحين تسوية الجبهة السورية، فأُجل إعلان الرفع إلى قمة أوبك في فينا لأن الحضور رأوا أنه من غير الملائم أن يتم ذلك من الأراضي الليبية رغم معارضتها.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974TRIPOL00316_b.html

 في 18 مارس أعلن أحمد زكي يماني في مؤتمر صحفي لأوبك أن السعودية ومصر والكويت وقطر والإمارات والبحرين قرروا إلغاء المقاطعة عن أمريكا مع امتناع ليبيا وسوريا عن ذلك.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974VIENNA02407_b.html

 تعهد يماني أن تعوّض السعودية أمريكا عن النقص الذي سيلحقها بسبب مقاطعة ليبيا وأنها ستزود إنتاجها 300،000 برميل، 

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974JIDDA01534_b.html

بل ذهب أبعد من ذلك وأخبر السفارة سرًا أن السعودية ستزيد الإنتاج إذا ما احتاجت أمريكا ذلك.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974BAGHDA00177_b.html


* في الأيام التالية شنت الصحافة اليسارية هجوما على موقف السعودية وعدَّته بعضها خيانة للقضية وتعاميا عن أن أمريكا لم تقدم شيئا بل أثبتت الحرب تماهيها مع الموقف الإسرائيلي.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974JIDDA01736_b.html

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974BEIRUT03167_b.html

 * أحست السفارة الأمريكية بمقدار الهجوم فأرسلت إلى واشنطن طالبة أن يشكر الرئيس الأمريكي الملك فيصل وأن يهنئه وأشادت ب”حكمة” السعودية ودورها “القيادي”.

البرقية من ويكيلكس

https://www.wikileaks.org/plusd/cables/1974JIDDA01402_b.html

وهكذا انتهت 150 يومًا من قطع النفط عن الولايات المتحدة: لم يكن الدور السعودي بطوليا فدائيا ولا رياديا، بل كان دور الحريص على تخفيف المقاطعة وتأجيلها قدر المستطاع ثم دور الواشي بالاجتماعات والمراسلات ثم دور الساعي لرفع المقاطعة سريعا بأقل المكاسب. كانت معركة إعلامية ومساومة سياسية ما تزال أساطيرها سائدة حتى اليوم.


مكاسب ونتائج حظر النفط 1973 على كل من الولايات المتحدة الامريكية والسعودية 


 كانت الولايات المتحدة أكثر المستفيدين من الأزمة 

وعلى عكس المتواتر فإنها كنت الرابح الأكبر من الحظر و رفع السعر.

لقد سجلت أرباح الشركات البترولية الأمريكية معدلات قياسية للأرباح لم يسبق لها مثيل بشكل ربما نشعر به حينما نعلم ان نصيب العرب عام 1974 كان 60 مليار دولار أما أرباح الشركات الأمريكية كانت 420 مليار دولار فقط في التكرير و التسويق بخلاف الارباح الاصلية في النفط نفسه -!- و هنا كانت نتيجة ذهبية للشركات المنتجة محلياً بأمريكا حيث طبقت فكرة “المشاركة” مع دول الخليج بحيث رفعت سعر المنتج النفطي داخل الولايات المتحدة و بات من السهل ان تجد ربحاً إقتصادياً من إستغلال مصادر طاقة نفطية جديدة داخل امريكا و هو مطلبها منذ عام 1970 و بأزمة 1972 حيث كان إنخفاض السعر محلياً بامريكا يمنع إستغلال مصادر جديدة للطاقة لإنخفاض الربح فكان رفع الاسعار بخلاف ارتفاع الارباح حل لمشكلة عام 1972 الخاصة بأن الاسعار قليلة فلن تستغل الشركات مصادر طاقة جديدة و بخلاف هذا تم تجميد قانون البيئة الخاص بالهواء و الماء مما حل مشكلة ثانية ، و هنا كان إرتفاع السعر بمثابة حل لمشكلة ثالثة حيث مثلت الاسعار ضربة قاصمة لإقتصاديات اوروبا الغربية و اليابان منعدمي الانتاج المحلي فباتت تلك الدولة تشتري نفطها بأثمان مضاعفة مما آذى ميزان مدفوعاتها بشدة بينما على العكس نتيجة هذا تحسن موقف الدولار و تراجعت عملات اوروبا و اليابان و تعدل الخلل في ميزان المدفوعات الامريكي و كان الامر عملياً “تصدير التضخم الأمريكي لأوروبا و اليابان”.

* إيران كانت حالة خاصة و فريدة تحتاج لإلقاء نظرة لفهم كيف أدارت أمريكا كل شئ لتحقيق مصالحها بالنهاية.
كانت إيران كحليف أساسي لأمريكا بالمنطقة غير منضمة للعرب في تقليل غمدادات النفط للغرب و كانت هي أيضاً أكثر دولة وافقت و حرضت على رفع الأسعار ، كانت الرؤية الايرانية فيما أظن مدفوعة بالتحريض الامريكي على رفع الاسعار لحل مشكلات السعر المحلي و التشتت مع قوانين البيئة و لضرب الاقتصاديات الأوروبية و اليابان ، من اهم مشاهد الموقف الايراني يوم 14 اكتوبر حينما رفض الوزير الايراني اموزيجار زيادة السعر فقط 15% و طلب ان تصل الى 100% ثم بيوم 16 بعد رفع الاسعار الاول عاد الوفد الايراني لطهران رأساً و أعلن رئيس الوفد أن إيران مع العرب فيما يخص المسائل التجارية فقط مثل رفع الاسعار اما تقليص الانتاج و حظر النفط لن تشارك فيه أبداً ، و لاحقاً قامت إيران بعد الحرب بإعادة رفع الاسعار بشكل مبالغ فيه وصل بعد الحرب الى 400% ، لدينا الآن مصدر عديدة أكدت على أن كسينجر قام بحل مشكلة النفط بالولايات المتحدة الامريكية عبر سياسة “رفع الاسعار” و التي كان بطلها شاة إيران مدفوعا من أمريكا في تفعيله لمصلحة بلاده بمضاعفة الارباح الخاصة و بحل المشكلة الامريكية ، إيران هي اللاعب الاول في رفع الاسعار فبديلا عن أرقام خجولة سعودية و كويتية كان اللاعب الايراني الحليف لمريكا يقود رفع الاسعار بما يتناسب مع مصالح تكتلات شركات النفط جميعاً.

ثالثاً: الملك فيصل و النفط المحظور.
ظل دور الملك فيصل لفترة طويلة في مسألة منع البترول يدور في إطار “البطولة” مع تجاهل أي طرف آخر بشكل صنع خصيصاً من إعلام نظام حكم السادات الذي خسف الارض بمن ساعدوا مصر بل و أبقوها حية كالسوفييت و عرب دعمونا بصدق كليبيا القذافي و الجزائر لصالح أنظمة تروق للسادات و يستفيد منها و كان دور فيصل أقل بكثير مما تم تعميمه لكن الدعاية الاعلامية كانت تحتاج لهذا لتلميع فيصل و تقزيم أي دور عربي آخر ينتمي للمعسكر الشرقي لصالح دور عربي تابع للولايات المتحدة الأمريكية و بالتالي عدة راحل هامة في مسألة فيصل و النفط:
عكس المتواترعن موقفه العام بخصوص النفط فالملك فيصل كان يتزعم جبهة رفض حظر النفط تحت شعار انه ليس سلاح بل وسيلة موارد تخوفا من تدهور حال البلاد ماليا مما يقوي النفوذ الناصري و اليساري الوليد بالدولة ، بعد حرب 1967 كانت السعودية الدولة الاخيرة في وقف النفط للولايات المتحدة و لم تتخذ موقفها الا بعد اعمال تفجير و تخريب شعبية في جدة ضد المصالح الامريكية و السفارة و البعثة العسكرية و محاولة تفجير ناقلتي نفط برأس تنورة و حتى حينما حاول فيصل مخاطبة شعبه لتقديم مبرر لبقاء التصدير قوطع لول مرة في حياته من الحضور بهتافات معادية له و لسياساته و مطالبة بمنع النفط ، ثم تلاها اعمال اعتداء على مقر ارامكو بالرياض و اضرب عمال ارامكو و امتدت التظاهرات للدمام و ابقيق و الخبر و الظهران و اجبرت المضخات على ايقاف الضخ ، في الواقع لم تستقر الامور الا بعد قمة الخرطوم 30 اغسطس 1967 حينما اقرت اوضاع اعادة التصدير الشامل و دعم السعودية للدول العربية المتضررة من حرب 1967 و عمليا و بناء على ما سبق كان فيصل يدفع ثمن مالي لكيلا يخسر عرشه و لكي يقدر على إعادة الانضباط للدولة و يصدر النفط كما يريد في سياسة عدم المساس بالنفط سياسياً.
*كانت آلية حظر تصدير النفط في السعودية تحديداً و الكويت تبدوا غير موضوعية بشكل مذهل فالسعودية و على لسان اليماني كانت تقوم بإحضار ربنا كل السفن البترولية و تجعلهم “يتعهدون” بألا ينقلوا نفط لدولة عليها حظر -!- و بالطبع يتعهد الربان و ينقل النفط للدول محل الحظر أو لدولة وسيطة مثل هولندا او البرتغال تقوم بنقله لدولة محظور عليها النفط ، هذا يعود لنقطة غنعدام وجود خطة سياسية لإستخدام النفط كسلاح و بالتالي مع دخول الحرب و بداية الحظر وجدت الدول المصدرة نفسها في موقف مرتبك فلم تكن تقدر الا على هذه المواقف المضحكة من نوعية تعهد الربان!
في موقف نصف معلن و صادم أمر الملك فيصل بتجاوز الحظر النفطي على امريكا بخصوص تمويل السفن الأمريكية الحربية بالبحر المتوسط التي كانت تعاني من نقص الوقود فكانت أوامر الملك فيصل خروج الناقلات للبحر و تمويل السفن مع كتابة مصدر جهة أخرى خلاف الجهة الاصلية الحقيقية ثم العودة ، بإختصار و بناء على طلب الولايات المتحدة تمت عملية تمويل سفن حربية امريكية ضمن عملية Nickel Grass” الخاصة بتمويل إسرائيل عسكرياً فهو من جانب يحظر رسمياً النفط عن أمريكا لكن يمول السفن الحربية الامريكية سراً بالبحر المتوسط مسرح العمليات!
كان قرار الملك فيصل يوم 19 اكتوبر بالحظر على امريكا من أشد القرارات عليه حيث كان يرفض الفكرة و لم يسر لها إلا مضطر اً بعد تصاعد الضغط عليه و قرارات مقاطعة اخرى بحيث كان عملياص من أواخر المقاطعين ، الملك فيصل مضطراً بعام 1967 قاطع و مضطراً عام 1973 قاطع مضطراً و حافظ على ضروريات التمويل النفطي بالبحر المتوسط للسفن الحربية الامريكية ، هنا لا بد من تأكيد تلك النقطة و حسمها بشكل واضخ فخلال 13 يوم من الحرب لم يكن موقف السعودية إلا مماطلة في القرار الحظري ثم السير فيه بما لا يضر فعلاً بالمصالح الامريكية الاساسية.
..
لاحقاً بضغط من كسينجر و بضغط من السادات رفع الحظر سريعاً في 17 مارس 1973 بإستثناء ليبيا التي لم ترفع الحظر و إنتهت الازمة كما بدأت بتوافق بين الاطراف المختلفة و بتحقيق مصالح الولايات المتحدة فوقت البداية وو قت النهاية حقق المصالح و لم يحقق ضرر مطلق فكان الأمر عملياً متوائم لحد كبير مع المصالح الأمريكية.


بعد ذلك كله يأتى الاعلام السعودى بعناوين تقابل فيصل مع كيسنجربكل احتقار  

المصادر 
1- موقع ويكيليكس 
2-قطع النفط عن امريكا : القصة الكاملة أسامة خالد 
3- حظر البترول العربى 1973 الحقيقة بعيدا عن الاسطورة : محمود عرفات 
4- كتاب ايران فوق البركان ..محمد حسنين هيكل 
5-مجلد الملك فيصل - اليكسى فاسيليف
6- مجلد تاريخ المملكة العربية السعودية- اليكسى فاسيليف 
7- كتاب حرب الخليج أوهام القوة والنصر محمد حسنين هيكل 
8- كتب قرن من الحرب ويليام اندهال 
 
مجلس استثمار سعودى يضم اعضاء امريكيين وبريطانيين 
لاستثمار ايرادات البترول الضخمة واستكراد العرب   
"صديقي هنري"كسينجر ، حمامة (لا مؤاخذة) "السلام" بين #سابىء_عصره ، و العدو الاسرائيلي . 
كان على ما يبدو مُعجب بشخصية دكتور چيكل ومستر هايد ، بدليل ان "مكوك السلام" دا لم يتورع عن تهديد الدول المنتجة للبترول في الخليج ، الراغبة في تحديد سعر عادل يكفل لها تحقيق ربح معقول من بيع بترولها .هددها ( في يناير 1975 ) باحتلال منابع البترول بالقوة المسلحة ، ليكون مصدر الطاقة تحت السيطرة الكاملة الأميركية .
وعليه، مملكة / شركة أرامكو الشهيرة بالسعودية فهمت الاشارة على طووووول ، ومش بس قررت انها تنسق مسألة الانتاج والأسعار مع الغرب ( الأميركيين والانجليز بصفة خاصة ) ، لأ ، دي قالت بالعربي غير الفصيح : أنا من إيدك اليمين لإيدك اليمين برضو يا خواجة ، فأسست مجلس لاستثمار فوائض بيع البترول ، بعضوية أميركيين وانجليز ، بشكل علني !
والنتيجة : زي ما انتوا عارفين ، نزح كل عوائد بيع البترول ، الى البنوك الغربية ( الأميركية بشكل أساسي ) .بحيث يمكن تجميدها ومصادرتها في أي وقت وباختلاق أي ذريعةً، زي ما حصل أيام ترامب والسعوديين وبقية الشلة الخليجية ، دفعوا لطرامبو نص ترليون دولار إتاوة "عن يد وهم صاغرون " !

الشاهد : الردع عبر الاستخدام السلبي للقوة بمجرد التلويح باستخدامها أمر معروووف ، وبالتالي التهديد العلني والصارم والمستعد لأخذ كل مخاطرة ممكنة ، بأنه لن يكون أمامنا طريق للحفاظ على حياة شعب الـ100 مليون نسمة ( بيزيد 2.5 مليون سنوياً ) غير احتلال منابع النيل بالقوة المسلحة ، عشان حماية حياتنا نفسها من تهديد حقير وشرير ، أكتر أهمية ألف مرة من تزييت المحركات الأميركية ، اللي دفع كسينجر لخلع قناع الدبلوماسية تماماً ، وإظهار أنيابه سنة 1975 ولولا الملامة كان قال بالعربي الفصيح بيت المتنبي :
"إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم" !


شبهات العلاقات الامريكية السعودية ( فيصل) 

عدد الأهرام الصادر في 14 يونيو 1972 ، يُغنينا عن كثير من الكلام الذي يَثقُل على أذهان البعض .
فبعد عام و تسعة أشهر على غياب الرئيس عبد الناصر ( عدو السعوديين الأكبر ) نجد أمامنا خبراً عن مغادرة نصف أعضاء البعثة الدبلوماسية الأميركية ( لم يكن هناك سفير لواشنطن في القاهرة منذ يونيو 1967 و التواطؤ الأميركي مع العدو الإسرائيلي ) بناء على طلب الحكومة المصرية ، التي لم يكن أمامها سوى إبداء إمتعاضها و هي ترى بعينيها دعماً أميركياً غير محدود للعدو الاسرائيلي و بمبدأ المعاملة بالمثل قلّص الأميركان عدد بعثتنا الدبلوماسية لديهم .
في المقابل و في الصفحة نفسها بل إلى جوار الخبر الاول الذي يدّل على تدهور حاد في العلاقات المصرية الأميركية ؛ تجدون خبراً عجيباً عن وصول ما يُسمى " وزير الدفاع السعودي" ، ( سلطان شقيق فيصل بن عبد العزيز ) إلى واشنطن نفسها ، في زيارة تستمر لأسبوعين كاملين ، يعني 14 يوم يا جماعة ، تخيلوا " وزير دفاع" يغيب عن بلاده نصف شهر كامل ، وراء المحيط ؟!
و تخيلوا أن نقرأ هذا بينما نُطالع أسفله مباشرة خبراً ثالثاً عن مطالبة مسؤول حكومي أميركي صناعة النفط في بلاده بعمل ما يلزم لعدم سقوطها " رهينة البترول العربي" . و من المعروف أن معظم ما تستورده الولايات المتحدة من نفط المشرق يأتيها من مملكة الرمال السعودية التي حَط ما يُسمى " وزير الدفاع" فيها ، زائراً واشنطن لأسبوعين كاملين بينما القاهرة وواشنطن تتبادلان طرد الدبلوماسيين !
على الهامش : كان هذا قبل حرب أكتوبر بعام و أربعة أشهر كاملة ، التي زعم أنور أفندي ( في سياق إنسلاخه التام من الإرث الناصري المُناقض بالكُلية للملكيين ) أن للسعوديين فيها " دور عظيم" ، وواضح أن " هاوي التمثيل " يتحدث عن " دور تمثيلي" كذلك .
فتأملوا يا أُولي الألباب !




رفض شاة ايران عبور الجسر السوفيتى لتعويض مصر وسوريا 

من كتاب The Two O'Clock War او حرب الساعة الثانية لوالتر بوين

وفيه اقرار برفض شاه ايران عبور الجسر الجوى السوفيتى عبر اجوائه لتعويض الخسائر المصرية والسورية على جبهات القتال
صديقه الشاه اللى امد مصر بالبترول فى اضغاث أوهامه .



رأى الفريق سعد الشالى عن مشاركة المملكة السعغودية فى دعم حرب اكتوبر 
عونا نقرأ ما كتبه الفريق الشاذلي في الفصل الـ28 من مذكراته لنجد العَجَب العُجاب :
" الدعم السعودي:
لم تكن لي أية علاقات مباشرة مع المملكة العربية السعودية سواء على المستوى الثنائي بصفتي ر.ا.ح.ق.م.م. أم على المستوى العربي بصفتي الأمين العام المسـاعد العسكري للجامعة العربية. لقد كانت الاتصالات مع السعودية تتم على مستويات خـاصة:الرئيس السادات، سكرتيره الخـاص الدكتور اشرف مروان، وزير الحربية الفريق صادق ومن بعده الفريق أحمد إسماعيل. أما أنا فلم يحدث قط ان زرت السـعودية او تفاوضت مع أحد المسؤولين فيها طوال الفترة التي شغلت فيها منصب ر.ا.ح.ق.م.م لذلك فإني سأذكر هنا ما اعرفه على وجه اليقين
وقد كنت أنوي زيارة المملكة العربية السعودية بعد عودتي من زيارة الجزائر والمغرب، ولكن السلطات المصرية أبلغتني ان أُسقط من حسابي زيارة السعودية، حيث إنه سيتم تنظيم الدعم العسكري المطلوب منها على مسـتوى الاتفاق الثنائي بينها وبين مصر وكـان الاتصال وقتذاك يتم بواسطة الوزير صادق بالتنسيق مع الرئيس السادات مباشرة. أخبرني الفريق صادق بان السلطات السـعودية لا توافق على إرسال الطائرات ليتننج بطيارين سعوديين ولكنها على استعداد لإرسالها إلى الجبهة المصرية على ان يقوم طيارون مصريون بقيـادتها ولذلك فإنه يجب علينا ان نرسل عددا من الطيارين المصـريين إلى السعودية، حيث يجري تدريبهم هناك على قيادة هذه الطائرات، ثم يعودون بها إلى مصر. كان ذلك نقيض فكرتي تماما. لم نكن نشكو قط من النقص في عدد الطائرات. لقد كان عدد الطائرات عندنا يزيد على عدد الطيارين. لقد كان الطيار المُدرَب هو المشكلة الحقيقية. لقد كان هناك ما يقرب من 100 طيار سوفيتي يقودون 75 طائرة ميج 21، فكيف يمكن ان ندير 10-15 طيارا لإرسالهم إلى السعودية؟
لم ترق لي هذه الفكرة و أظهرت اعتراضي عليها، ولكن كـما هي العادة دائما فان القرارالسياسي يفرض نفسه في النهاية. في 2 من مايو 72 أرسلنا الدفعة الأولى إلى السعودية وكانت تتكون من 7 طيارين و33 ميكانيكيا وبعد وصول هذه المجموعة الى السعودية بدأت تظهر الكثير من المشكلات: درجة الصلاحية في الطائرات لا تسمح بتدريب الطيارين الذين أرسلوا للتدريب عليها، عدم توافر المدربين الذين يقومون بتدريب الطيـارين، المشكلات الإدارية الخاصـة بالتدريب… الخ. وبعد حوالي عام من المحاولات لم نصل إلـى شئ. عاد الطيارين والميكانيكيون دون الطائرات ليتننج ولم تشترك تلك الطائرات في معركة أكتوبر 73 لا بطيارين مصريين ولا بطيارين سعوديين.
في تمام السـاعة 1830 يوم 9 من يوليو 73 اتصل بي الدكتور أشرف مروان وأخذ يكلمني في أمور غريبة بالنسبة لي، وليس لدي أي علم بها، فلما أخبرته بأنني لا اعلم شيئا عن هذه الموضوعات قال لي: إن حسني مبارك يعلم بذلك. وكـان مما قاله الدكتور اشرف مروان ما يلي:
1- بخصوص عقد الطائرات Sea King
مطلوب الانتهاء من العقد غدا حتى يمكن تسليمه إلى العقيد عبد الرؤوف الذي سيسافر به إلى السعودية يوم الخميس 12 من يوليو، أما بخصوص الصواريخ والأصناف التكميلية التى لم يكن قد تم الاتفاق النهائي عليها مع الجانب البريطاني فيجري إدراجها ضمن عقد آخر لاحق. )
2- موضوع 32 طائرة ميراج:
إن كمية الذخـيرة المطلوبة لعقد طائرات الميراج كـبيرة جدا وتصل قيمتها إلى 35 مليون دولار، ومطلوب تخفيض هذه الكمية.
3 -طائرة هيليكوبتر هدية للرئيس:
إن الملك فيصل قرر إهداء الرئيس السادات طائرة هيلوكوبتر ومطلوب إرسـال طيارين مصريين إلى السعودية لاستلامها.
4- لدى السعودية 1000 طلقة عيار 155 مم، ومطلوب تحديد الوقت اللازم لاستلامها.
5- مطلوب تحرير كـشف بقطع الغيار المطلوبة للمدافع 155 مم، لتسليمه إلى العقيد عبد الرؤوف قبل سفره إلى السعودية يوم الخميس القادم،
6- الطائرات سى 130 السعودية مطلوب سفرها إلى السعودية كل 15 يوم لإجراء الصيانة ولأغراض سـياسية. ويمكن الاستفادة من هذه الطلعات في نقل الأصناف المرسلة من مصر إلى السعودية وبالعكس.
7- اعتبارا من اليوم فإن الاتصال بين السعودية ومصر يتم على مستوى الملك فيصل والرئيس السادات، ويجب ألا يتم على اتصال بين وزير الحربيـة المصري ووزير الحربية السعودي بخصوص هذه الموضوعات (كـان وزير الحـربية في زيارة رسميـة إلى الصومال وأثيوبيا من7-16 من يوليو 73).
قمت بالبت في البنود أرقام 4 و5 و 6 المدرجة أعلاه اما البنود 1 و 2 و 3 فقد أحلتها إلى حسني مبارك الذي أفادني بأنه لم يطلب ذخيرة في عقد الميراج، كما أفادني بأنه بمعاينة طائرة الهيليكوبتر التي يريد الملك فيصل أن يهديها إلى الرئيس السادات اتضح إنها من نوع أوجستابل 13 (Augusta Bell) ذات محرك واحد وزلاجات وهي متواضعة جدا وأوصى بأن يعتذر الرئيس عن عدم قبولها ! "

و من دون الدخول في تفاصيل لا تُفيد السياق سنكتفي لاغلاق هذا الملف الملىء بالتدليس و الأكاذيب ؛ باعتماد الطريقة التي قام بها الشاذلي ( في الفصل 29 من مذكراته ) لتقييم المساهمات العربية في المعركة . لنجد العراق على رأس القائمة بـ150 نقطة تلته الجزائر بـ70 نقطة و بعدها ليبيا بـ50 نقطة ثم الأردن بـ20 نقطة و المغرب بـ15 نقطة وفي المرتبة السادسة تأتي سعودية فيصل بـ5 نقاط ( 1/30 من إسهام العراق و 1/14 من إسهام الجزائر و 1/10 من إسهام ليبيا )
متساوية مع السودان الذي لا يذكره أحد !





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء مصر ..جمهورية يوليو الثائرة (الجمهورية الأولى) .. تأسيس النهضة الصناعية من الابرة للصاروخ

خيانات حرب يونيو 1967

المخصيين بالتاريخ المصرى "حكاية حزينة من الماضي"