خدعوك فقالوا : عـواد باع أرضه .

 ما هي حقيقة البطل #عواد الذي سخروا منه لأنه تمسك بأرضه؟

خدعوك فقالوا : عـواد باع أرضه



فى قرية كفور نجم الحقيقة يتوراثها الأجيال هناك ، الآباء يرون للآبناء ما فعله عنانى أحمد عواد مع – البرنس – محمد على ورجاله عام 1946 ،


ويرون لهم أن عواد لم يكن إشتراكيا ولا إخوانيا ولم يتخلى عن أرضه .
كان إيجار فدان الأرض يتراوح بين 20 جنيها و 35 جنيها ، وتكتب عقود الإيجار من طرف واحد تملكه الدائرة ، والفلاح ليس عليه إلا أن يدفع ويطيع ويطرد من الأرض فى أى وقت ، ولم يكن الفلاح يدفع الإيجار نقودا بل كان وكيل الدائرة يضع يده على كل ما تخرجه الأرض من محصول ، ويبيعه بمعرفته وبالثمن الذى يراه ، ويحصل على قيمة الإيجار كما يقدره ، ويقرر أحيانا أن يحتفظ بالمبلغ المتبقى فى خزانة الأمير .. والفلاح لا يستطيع أن يفتح فمه .
عرض مفتش الدائرة 8 فدادين للإيجار مقابل خلو رجل ، فتقدم عنانى أحمد عواد ودفع 160 جنية خلو رجل وإستأجر الفدادين الثمانية من المفتش ، وتغير المفتش ، وجاء مفتش جديد طمع فى الفدادين الثمانية التى إستأجرها عواد وأراد إستردادها منه ، فقال عواد : خد الأرض بس إدينى الـ 160جنية اللى دفعتها للمفتش اللى قبلك .. تعجب المفتش من جراءة الفلاح ، وإعتبر ما قاله عواد تحدى له وللدائرة وللبرنس ، بالتأكيد هو تحدى أليس البرنس إبن الخديوى صاحب المقولة الشهيرة " أنتم عبيد إحساننا " ؟ وشقيق الخديوى عباس حلمى الثانى الذى وصف زعيم الأمة – فى مذكراته - بالفلاح إبن الفلاح !!!
لجأ عواد الثائر على دنيا الطغيان والجبروت ، لجأ فى أخريات حياته إلى الأستاذ أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة والحزب الاشتراكي باعتباره محاميا كبيرا وزعيم حزبى وطلب منه رفع بعض القضايا على التفتيش وإدارته ، فاعتبرت هذه كبيرة من الكبائر فلم يجرؤ أن يرفع أحد من العبيد رأسه أمام التفتيش فضلا عن أن يتجرأ علي رفع قضية
فانهالت عليه الإضطهادات والتلفيقات ليحملوه على التنازل عن هذه القضايا ، ولكن عناني أحمد عواد الذى كان القدر قد أعده ليكون أول شهداء معركة التحرير وقف كالطود الراسخ لا تنال منه المؤامرات ولا التهديدات .
وكان الحل الأخير لدي المستكبرين في الأرض هو إسكات الصوت الذي يواجه ظلمهم ولم تفلح معه أساليب القهر والإرهاب.. فكانت عملية القتل المدبرة في وضح النهار وأمام نقطة الشرطة وبأيدي رجالها في نهار رمضان:
وهذه جوانب من تفاصيل الجريمة البشعة كما تناولتها الصحافة الحرة آنذاك : فنشرت جريدة منبر الشرق تحت عنوان:"حادث كفور نجم البوليس والتفتيش والجبناء يقتلون داعية التحرر من الإقطاع ":
" روعت قرية كفور نجم بحادث مؤسف هو الأول من نوعه إذ وجد الشهيد عناني أحمد عواد قتيلا بجوار نقطة البوليس ، ففى ليلة الخامس عشر من رمضان تهاوت عدة " بلط "
وفؤوس ومسدسات فى اتجاه الشهيد عناني أفندي احمد عواد داعية التحرر من الظلم والاستبداد والتخلص من ربقة العبودية والاستعباد؛
وتفصيل الحادث كما يلي:
كانت بين الشهيد وتفتيش الأمير محمد على مشاحنات نتيجة رغبة التفتيش في معاملة الأهالي معاملة العبيد والأغنام ، فأبى ذلك الشهيد وأصر على أن يعيش الفلاح في سلام،موفور الكرامة مهاب الجانب لا يستعبده أحد ولا يظلمه .
وكان يصيح فى الصاوي مفتش كفور نجم والحاكم بأمره هنالك مرددا قول عمر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟" وكان من جراء ذلك أن اضطهده المفتش .
ولم يكتف الصاوي بذلك بل استعدى البوليس على الشهيد الكريم فأخذوا فى اضطهاده واستغلال سلطة وظيفتهم فى معاملته بعنف ، وكم قامت بينهم من مشادات انتصر فيها الشهيد لكرامته وأنصاره مما أوغر عليه نفوس المأمور وضابط المباحث .
ولم يخرج من إجماع أهل القرية إلا أشخاص جبناء أذلاء يوالون التفتيش ويشتغلون لحسابه.
وقد تمت المؤامرة الرهيبة فى النهار فانهال المجرمون الآثمون على الشهيد الأعزل ببلطهم الحديدية ومسدساتهم حتى قضوا على حياته،لينعموا بالراحة فى ظل التفتيش ومركز البوليس .
إن ملايين الفلاحين لتلتاع نفوسهم حسرة وألما لما حدث لزعيمهم الشاب الذى أراد لهم الخير والإنصاف،فقدم نفسه ضحية غالية عزيزة فى الشهر المبارك دون أن يؤملوا خيرا فى حكومة تركت الأمر فوضى لا ضابط له.فوا أسفاه،و واحسرتاه "مات وفى جسمه ضربة فأس وضربة بلطة ، ورصاصة قاتلة ، وأكثر ما أصابه فى مقتل سلاح الخسة
وبدأ الفلاحون يتناقلون القصة همسا ، وبعدها تشجعوا وتناقلوها جهرا ،ـ وكان ولابد من شئ للقضاء على هذه القصة حتى لا تتعالى الأصوات ضجيجا
وكتب أحمد حسين زعيم مصر الفتاه (مأساة كفور نجم)
" ومن كفور نجم تأتينا قصة طريفة وشائقة ، فهذا مزارع قد رفع على تفتيش الأمير محمد علي قضيتين وتوليت رفعهما بنفسي كوكيل عنه أى أن مزارعا شاء أن يحتكم إلى القانون وأنا الذي أومن بالقانون وبأننا نستطيع فى هذه الأيام المضطربة أن ننقذ المركب المترنحة إذا التزمنا جميعا جادة القانون؛
فما راعني وراع الناس أن هذا المزارع قد ألقيت عليه صنوف الاضطهادات وتعاون رجال البوليس مع رجال التفتيش على أن يكيدوا لهذا المزارع وأهله وذويه وأن يفعلوا بهم الأفاعيل.
ولكن ذلك كله لم يزد المزارع إلا استمساكا بحقه وذودا عن كرامته فاذا بالتفتيش ورجال البوليس لا يجدون سبيلا للتخلص منه إلا باستخدام الجريمة السافرة والقوة الغاشمة متحدين القانون والنظام والدين والعرف والتقاليد " .



المصادر ..
الموسوعة الذهبية
عهدى .. مذكرات عباس حلمى الثانى
في مجلة التحرير في عددها الموافق يوم 9 أكتوبر عام 1958م نشر حوار مع أهالي كفور نجم عن بلدياتهم عواد المصري اللي رفض أن يتنازل عن أرضه عام 1946 للأمير ولي العهد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء مصر ..جمهورية يوليو الثائرة (الجمهورية الأولى) .. تأسيس النهضة الصناعية من الابرة للصاروخ

خيانات حرب يونيو 1967

المخصيين بالتاريخ المصرى "حكاية حزينة من الماضي"