قصة اعدام خميس والبقرى عمال كفر الدوار

 قصة اعدام خميس والبقرى عمال كفر الدوار 


عبد الناصر ومحى الدين ويوسف صديق صوتوا بالمجلس برفض قرار الاعدام  
لكن محمد نجيب رئيس المجلس رجح كفة قرار الاعدام بصفته رئيس المجلس يومها   


مانشيتات جريدة آل أبو الفتح ( الوفدية ذات الصلات الأميركية ) تعطينا ملمحاً عن قضية خميس والبقري العامليْن في مصنع كفر الدوّار ، باعتبارهما " خونة" و التهمة الموجهة لهما هي " القتل العمد و مهاجمة قوات الجيش" .
ولا تنس أن صاحب "المصري" هو المدعو محمود أبو الفتح ، أَعدى أعداء جمال عبد الناصر ، وأُسقطت عنه الجنسية المصرية سنة 1954 ، ورئيس تحريرها المسؤول هو شقيقه أحمد أبو الفتح ، الذي عمل مع شقيقه ضمن شبكة تعمل لحساب المخابرات الفرنسية ، قبل وأثناء وبعد عدوان 1956 ، وكتب بعد ذلك عن ناصر ( في صحف السادات ومبارك) ما لم يقُله مالك في الخمر !
على الهامش : رئيس" المجلس العسكري العالي" ، الذي منحه المؤلفة جيوبهم وصف "المحكمة العسكرية" لغرض لا يخفى على لبيب ، و قضى باعدام المتهمين اسمه "عبدالمنعم مين " وهو ( لمن لا يعرف ) ذو ميول يمينية صرفة ، تواترت الأخبار القائلة بصلة وثيقة جمعته بالمخابرات الأميركية، سرعان ما انفضحت ، فطُرد من مجلس القيادة قبل أن ينتهي عام 1952 .وظل نسياً منسيا، حتى استدعاه أنور ساداتهم من المخازن ، بعد انقلاب القصر في مايو 1971 ، ليكون "همزة وصل"مع الأميركيين ، الذين كان ناصر قد قطع دابرهم من مصر بعد 1967 .
وكان طبيعياً في تلك السنوات السود أن يرتدي عبد المنعم الأميركاني ، هو الآخر ، قميص عثمان الديمقراطى بعدما وجد نفسه " على المعاش" ، بعد أن كانت زوجته تغشى المجتمعات المخملية للطبقة إياها زاعمة أنها " الملكة الجديدة" مُدعية أن الجيش في يمينها و الشرطة في يسارها ولا تَعجب ان الشماشرجية الذين يتداولون كلامها السفيه ، للطعن في يوليو ، لا يُخبرونك أبداً مَن هي ، وعن اسم زوجها الأميركاني ، كي لا ينقلب السحر على سحرة فرعون الذين لا يعرفون شيئاً اسمه "شرف الخصومة" !
والآن لنراجع "مواقف وطرائف" كلاب السكك الذين جعلوا من القضية "حائط مبكى" ، من أقصى اليمين الرجعي إلى أقصى الشمال التروتسكي :
الاخوان بيسلّموا عليك ، و يقولون لك ان عامليْ كفر الدوار المساكين كانوا " بُغاة ومُفسدين" و " لقد دلت حادثة كفر الدوار أن خصوم الأمة لا زالوا يتربصون بها الدوائر ، ويكيدون لثورتها أرخص الكِيد ، ضناً عليها بثمرات هذه الحركة المباركة ، وكراهة أن تصل بها الأمة الى غايتها من حرية ومجد وسعادة .وتعلقاً بالفساد الذي قام عليه جاههم ، وتوافرت في ظله آثامهم وشهواتهم ، قاذفين في هذه الفتنة بفريق من المُضللين ينتسبون لسوء الحظ الى طائفة العمال" داعين ابناء الوطن الى " تقديم كل ما يسعهم من عون لاحباط أي للاخلال بالأمن أو الاساءة للبلاد"!
في اليوم نفسه ، وفي الصفحة نفسها من الجريدة " الوفدية" نفسها نجد
فؤاد سراج ، يشارك بطريقته وهي أقل فجاجة من إخوانه فيقول :
"بعض التصرفات التي وقعت في الأيام الأخيرة في بعض المصانع يُعطي خصوم الحركة التي أجمعت البلاد على تأييدها أقوى سلاح لطعنها ، ولذلك كان لي أن أعتبر كل مَن يقدم على هذه المحاولات ، التي تهدف الى الاخلال بالأمن وبالنظام في هذا الوقت الدقيق ، خائن لبلده طاعناً لها "
كان هذا بعد تأكيد الطربوش الأكبر على "التأييد المُطلق للحركة المباركة وللأهداف النبيلة التي قامت من أجلها " على لسان رئيس وأقطاب وصحافة حزب الوفد وعلى رأسها جريدة المصري ( عائلة أبو الفتح ) التي نشرت كلام مرشد الاخوان ومرشد الوفد يوم 15 أغسطس 1952 . مع ما نسبته ل" عمال البلاد يطلبون الضرب بشدة على أيدي مثيري الفتنة بين عمال كفر الدوار ويؤيدون كل ما يُتخذ من إجراءات ضدهم" !

ختاما تجدون وصفا جامعا للحدوتة ، كما رواها ( من الوثائق ) الكاتب جمال بدوي ( ووفديته المعروفة حائط صد ضد أن يطعن الشماشرجية والطرابيش في نزاهته ) . وقد كانت المناسبة هي الذكرى الخمسين لثورة يوليو. المجيدة ، ونشرها في مجلة المصور على ثلاث صفحات كاملة ، بالعدد الصادر يوم 16 أغسطس / آب 2002 .
ثلاثة أسماء تجدهم في موقع الادانة ( على فرض ان الحكم بالاعدام لم يكن له داع ، للّجم " الفوضى" بعد مقتل 9 مواطنين في مظاهرات العمال ) أولهم الياس أندراوس ( الرأسمالي البغيض ووسيط رشاوي ملك الكوليرا ) و ثانيهم: " رئيس المحكمة" المدعو عبد المنعم أمين الذي أشرنا لكونه أحد الأعداء المُعلنين لناصر وفي الوقت نفسه كان على صلة وطيدة بالسفير الاميركي وعملاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية بسفارته ؟! ، على نحو يجعله "يقضى" بالاعدام ، و ثالثهما هو ذلك الوغد الذي صدّق على تنفيذ الحكم ، بعدما صوّت ضد تنفيذه ثلاثة آخرون أولهم : جمال عبد الناصر وثانيهم : يوسف صدّيق وثالثهما : خالد محيي الدين : الأول لأسباب مبدئية والأخيرين لأسباب أيديولوچية كونهما شيوعيين ، وكانت الشائعات التي روّجها أذناب النظام الساقط تتهم العمال بالشيوعية ، بينما هما من واقع التحقيقات غير مؤدلجين ، على أي نحو كان .
وأنهما كانا مجرد ضحيتين قُتلا في صراع أدارته أيد خفية ، قتلت تسعة آخرين ننشر هنا أسماء سبعة منهم :
إسماعيل محمد متولي ( عامل بالشركة )
السيد الجمل ( شرطي )
السيد محمد معجبة ( جزار )
محمد إبراهيم البربري
السيد إبراهيم مرسي
عبد اللطيف محمود المحرف
حسين أمين القاضي
وهؤلاء الأربعة لم يستدل على مهنهم .
إضافة إلى جنديين بالجيش قتلا أثناء فض الاشتباكات ، ونُقلا بمعرفة زملائهما فلم يتسنى التعرف على هويتيهما.
كما كان هناك عشرات المصابين من بينهم ستة من الشرطة و ثلاثة من أهالي كفر الدوار نقلوا الى المستشفى في حال خطرة ، وهم :
أبو يوسف عبد الغني طه
ولطفي عبد الوهاب دياب
والسيد أحمد ضبش

هامش أخير : ثمة معلومة تاريخية تنسف كل هذا الهراء الاخوانوهابي ، وزير الداخلية عند وقوع حوادث كفر الدوار ( 12 أغسطس 1952 ) كان هو على ماهر الذي احتفظ الى جوار رياسته للحكومة ، ( كانت آخر الحكومات التي عيّنها فاروق يوم 24 يوليو 1952 ) بوزارات الخارجية والحربية والبحرية و الداخلية . و حين استُقيل علي ماهر ، ( بعد تلكئه الظاهر في اصدار قانون تحديد الملكية /الاصلاح الزراعي ) و كُلّف محمد نجيب بتشكيل حكومة ( 7 سبتمبر 1952 ) اختار وكيل مجلس الدولة سليمان حافظ ( صديق عبد الرازق السنهوري) وزيراً للداخلية وفي نفس اليوم تم تنفيذ اعدام العامليْن خميس والبقري !
أما جمال عبدالناصر فقد تولى أول مناصبه العامة كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك ناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.
يعني الريّس لم يكن وزيراً للداخلية الا شهر واحد فقط ، في يونيو 1953 ، بعد حادثة كفر الدوار بسنة تقريباً .
و لا تنس ، ان عبد الناصر كان واحداً من ثلاثة فقط (هو وخالد محيي الدين و يوسف صديق) في مجلس قيادة الثورة ، كانوا رافضين لاعدام عاملي كفر الدوار ، التزاما ببقاء الثورة بيضاء من كل دم . بينما وافق الباقين ، بمن فيهم المدعو محمد نجيب ، على قرار المدعو عبد المنعم أمينى، والأدهى أن نجيب قابل خميس بنفسه وساومه على "الإبلاغ عن زملائه المشاركين في التخريب" وفقا لما نشره إبراهيم العريس نقلا عن كثيرين من الرواة ، في الحياة ( السعودية) في 12 أغسطس 1998 ، بعد الأحداث بستة وأربعين سنة ، كانت أكثر من كافية ليدلي كل الناس بدلائهم . على نحو مكّن العريس من الوصول لنتيجة كاشفة لكل ذي عينين :
ناصر ألّح على نجيب لإصدار عفو عن العاملين ، مؤكدا أن إعدامهما سيلّطخ سمعة الثورة بينما أصر نجيب على إعدامهما ليكونا عبرة لغيرهما ، وكي لا يكون العفو عنهما سبيلا لتخريب آخرين
وينتهي العريس الى القول أن دافع نجيب ربما كان استغلال القضية في تثبيت مكانته في قيادة الضباط الشبان ، بعدما شعر أنهم يتجاوزونه في قضايا سياسية كبرى !






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء مصر ..جمهورية يوليو الثائرة (الجمهورية الأولى) .. تأسيس النهضة الصناعية من الابرة للصاروخ

خيانات حرب يونيو 1967

المخصيين بالتاريخ المصرى "حكاية حزينة من الماضي"