المجاهد الجزائرى الشريف "الشيخ أبو معزة"


 المجاهد الجزائرى الشريف "الشيخ أبو معزة"

اعداد محمد شوقى السيد
قامت فرنسا باحتلال الجزائر على عدة مراحل:
كانت أولها عام 1830 عندما احتلت ولاية الجزائر الساحلية والتي تشمل مدينة الجزائر بعد عدة معارك مع الوالى حسين ضاى انتهت بتوقيع الاستسلام في 5 يوليو 1830 بعد أقل من شهر من بداية المعارك... ثم بدأت
المرحلة الثانية التي استمرت 17 سنة حتى ديسمبر 1847 بعد العديد من المعارك بين القوات الفرنسية وقوات الأمير عبد القادر الجزائرى عندما قرر عبد القادر الاستسلام وسلم نفسه للكابيتان فرنسوا بازان يوم 21 ديسمبر مسلما أراضى كامل الامارة الجزائرية (بدون الصحراء) لتتحول إلى ثلاث محافظات فرنسية... أما أراضى الجنوب الجزائرى بالصحراء الكبرى فقد احتلتها فرنسا في مايو 1902 ولكن ظل الجنوب ملحقا بالجزائر ولم يتم ضمها رسميا للدولة الفرنسية إلا في أغسطس 1957 لتحولها إلى محافظتين جديدتين (قبل الاستقلال بخمس سنوات).
ظلت المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي مشتعلة منذ دخول جيوشها أراضى الجزائر ولمدة 132 سنة. تخللتها قصص كفاح عديدة كانت إحداها قصة الشيخ أبو معزة.
ففي عام 1845 شكل أحد شباب المنطقة الشرقية من الجزائر جيشا من الفلاحين وانضم له عدد كبير من قبائل المنطقة الشرقية وبدأت معارك الكر والفر ضد القوات الفرنسية في مواقع عديدة.
واتفقت القبائل للحفاظ على سرية شخصية قائدهم البالغ من العمر 23 سنة على اطلاق اسم حركى"الشيخ بو معزة" على هذا القائد الشاب.
كان أسلوب أبو معزة في مقاومة الاحتلال هو الهجوم حيث لا يتوقعه أحد مكبدا الخسائر للجيوش الفرنسية ثم الاختفاء في مغارات الجبال فكان يحقق الانتصارات تارة ويتكبد الخسائر تارة أخرى.
يقول كاتب فرنسي اسمه(سيروكا) ان اسم ابومعزة قد جمد شجاعة الفرسان الفرنسيين حتى لقد كانوا يهربون بخجل كلما رأوا علمه في الأفق. (سيروكا - المجلة الافريقية. ص 444.)
وقد لجأ الفرنسيين لاضرام النيران في مغارات الجبال لاجباره على الخروج إن كان مختبئا بها... وقد عاون الشيخ أبو معزة الأمير عبد القادر الذى كان قد اختبأ لفترة في مراكش بالمغرب على العودة إلى أرض المعركة إذ كان يدين له بالاحترام والتقدير لزعامته التاريخية ولكنه استمر هو بأسلوبه الخاص في شن هجماته على الفرنسيين مشجعا كل تنظيمات المقاومة الجزائرية على عدم التوقف عن مهاجمة المحتل.
لم يكن الأمير عبد القادر متقبلا لمنافسة القائد الشاب "الشيخ أبو معزة" فكان كثيرا ما يسخر منه ومن اسمه الحركى رغم علمه بأنه من أشراف قبيلة السنوسى بالجزائر وليبيا... لذلك ابتعد أبو معزة عن عبد القادر وراح ينطلق في معارك متهورة ضد الفرنسيين.
وكانت آخر تلك المعارك فى 10 يناير 1847 حيث شن هجوما عنيفا في واحة أولاد جلال قتل خلاله الجنرال الفرنسي "هربيلليون"... ولكن نفذت مؤن وذخيرة "أبو معزة" فعاد إلى منطقته الأم "ضهرة"... وفي 13 أبريل 1847 قرر أبو معزة أن يسلم نفسه للكولونيل "سان آرنو" قائد كتيبة فى الجيش الفرنسي، نتيجة ليأسه من إمكانيات المقاومة.
تم اقتياد أبو معزة إلى باريس حيث تم حبسه.. ثم تحول من الحبس إلى تحديد الإقامة عندما استشعر الفرنسيون إمكانية تحويله إلى حليف وتكليفه بمهمة عسكرية لحساب الجيش الفرنسي في جبال الجزائر. ولكن أبو معزة استطاع الهرب من مكان إقامته بفضل قيام ثورة فرنسية جديدة عام 1848... ثم نجده بعد ذلك في عام 1855 وقد أصبح كولونيلا في الجيش العثمانى ...وشارك فى حرب القرم ثم يقيم بهذه الصفة عدة سنوات في بغداد حتى وفاته عام 1879.
ومما يذكر أن أحد المساجين الجزائريين في طولون واسمه عيسى بن أحمد كتب سمة 1853 الى نابليون الثالث يطلعه على أن الشخص المحبوس عند الفرنسيين باسم محمد بن عبدالله (بوسيف) هو نفسه محمد بن عبدالله (بومعزة). أنظر أرشيف ايكس 11H1.

المصدر : الحركة الوطنية الجزائرية. أبو القاسم سعدالله.
حقا كلما قرأت عن كفاح شعب المليون شهيد، أفخر ببطولة وشجاعة وكرامة كفاحهم الطويل من أجل استقلال وطنهم، حتى وإن كان اسم قائدهم "الشيخ أبو معزة"، رحمه الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهات خيانات حرب يونيو 1967

المأساة .. حكاية حزينة من الماضى ..فيلق العمال المصرى .. خطف واقتياد اكثر من مليون مصرى للعمل سخرة بالحرب العالمية الاولى

ملخص مذكرات حرب أكتوبر للفريق سعد الدين الشاذلى