أضخم جنازة بتاريخ العرب - يوم رحيل الاب 28 سبتمبر 1970
أضخم جنازة بتاريخ العرب
يوم رحيل الاب 28 سبتمبر 1970
اعداد محمد شوقى السيد
بيننا وبينكم الجنائز
(ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا الا شفعهم الله فيه) مسلم 2242 حديث الرسول صلى اللة علية وسلم
روى البخاري ( 3209 ) ومسلم ( 2637 ) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض قال النووي(ثم يوضع له القبول في الأرض)أي : الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه ، فتميل إليه القلوب وترضى عنه ، وقد جاء في رواية فتوضع له المحبة
قول بن حنبل لاهل البدع (بيننا وبينكم الجنائز) لتأكيد على موضوع كثرة عدد المشيعين هكذا كان ثقافة العرب فى الجاهلية وكان السلف الصالح ايضا يتباهو بكثرة عدد المشيعين كدليل على المحبة والصلاح لانها تأتى بقدر من الله
هكذا يزرع الله حب الناس وحب الجماهير فيمن يحبهم الله فيمن تولوا ولاية شئون العباد.
ففى مساء الاثنين 28 سبتمبر 1970 الموافق 27 رجب 1390 الموافق ايضا ذكرى ليلة الاسراء والمعراج
وفى تمام الساعة السادسة والربع من مغرب ذلك اليوم صعدت روح الزعيم بطل الاسلام والعروبة جمال عبد الناصر الى ربها منهية حياة رجل أثر فى تاريخ دولته وأمته ما لم يؤثر رجل مثله فلم يكن ذلك التاريخ فقط تاريخ نهاية حياة رجل بل كان تاريخ أنتهاء عصر الثورية المصرية عصر ذاتية اتخاذ القرار عصر القرار الوطنى المستقل وما بعد هذا التاريخ كان للأسف بداية عصر التبعية والقرار المواكب للسياسة العالمية وظهر فجأة للناس أنور السادات على شاشة التليفزيون ليعلن بصوت باكى نبأ وفاة الرئيس عبد الناصر لينفجر فور أعلان النبأ الصاعق طوفان رهيب من البكاء والنحيب والحزن فى كل أنحاء الوطن العربى وفى كل مكان فى العالم توجد به جاليات عربية ولمدة ثلاثة أيام حتى يوم 1 أكتوبر 1970 يوم تشييع جنازة الرئيس جمال عبد الناصر سيطر الحزن والإحساس بالضياع على العرب فى كل أنحاء العالم
. 6 ملايين مواطن و 40 ألف ضابط وجندى 40 لواء من قادة القوات المسلحة 500 جندى شرطة عسكرية لحراسة الجثمان الطاهر هذه الأرقام سجلت للمشيعين يوم جنازة عبد الناصر عاش عبد الناصر بمقاييس الزمن حياة قصيرة ، فقد رحل عن 52 عاما و8 أشهر و 13 يوما ظهر فيها على مسرح التاريخ لمدة 18 عام
التقرير الطبى للوفاة
أذيع عند منتصف ليلة 29 سبتمبر 1970 تقرير طبى عن الازمة القلبية المفاجئة التى تعرض لها الرئيس جمال عبد الناصر والذى نص على ما يلى :
" أثناء توديع سمو أمير الكويت بالمطار فى الساعة الثالثة والنصف مساء اليوم 28 سبتمبر 1970 الموافق 27 رجب 1390 هجرية شعر سيادته بدوخة مفاجئة مع عرق شديد وشعور بالهبوط وقد توجة سيادتة بعد ذلك فورا الى منزلة بمنشية البكرى حيث حضر على الفور الأطباء ووجدوا عند سيادته أزمة قلبية شديدة نتيجة انسداد بالشريان التاجى للقلب وقد أجريت لسيادته جميع الاسعافات اللازمة بما فى ذلك استعمال أجهزة تنظيم ضربات القلب ولكن مشيئة اللة قد نفذت وتوفى الى رحمة الله فى الساعة السادسة والربع اثناء اجراء هذة الاسعافات "
توقيع
الدكتور رفاعى محمد كامل
الدكتور منصور فايز
الدكتور زكى الرملى
الدكتور الصاوى حبيب
الدكتور طة عبد العزيز
فى مصر كانت مفاجئة مذهلة ابكت ملايين الشعب المصرى عند سماع الإذاعات بخبر الوفاة والتقرير الطبى وتأكدهم من وفاة الرئيس جمال ورقم ملايين ليس من دواعى البروباجندا فصور المشيعين تثبت ان من شيع جنازة عبد الناصر بمصر لا يقل عن ستة ملايين مواطن مصرى خرجوا بأنفسهم واجسادهم مشيعين خلافا لما آثر متابعة الحدث خلف شاشات التلفاز وأثير صوت الاذاعات ولكن القلوب تدمى والعيون تدمع على فقد من احبوه طيلة ثمانية عشر عاما من تولى المسؤلية وقيادة دولتهم
وكان للكنسية القبطية اثر بالغ معبرا عن الفقد حيث امر البابا كيرلس جميع الكنائس أن تدق أجراسها دقات الحزن منذ إعلان نبأ وفاة جمال عبد الناصر
وتلقى العديد من رسائل تعزية من رؤساء العالم واقام صلوات القداسات الإلهية وصلاة
ترحيم على روح عبد الناصر رئيس جمهورية مصر الراحل وأن تشح جميع الكنائس بالسود
طوال فترة الأربعين يوماً .
وتوجهت مسيرة من
ألاباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة إلى قبر الرئيس جمال عبد الناصر
.والقيت كلمات فى جميع الكنائس تعبر عن مشاعر الأقباط عن فقدهم الرئيس جمال عبد الناصر والقى نيافة
الأنبا شنودة اسقف التعليم يوم الجمعة 9 اكتوبر سنة 1970 م فى الكاتدرائية المرقسية
الكبرى كلمة عن فضائل الرئيس جمال عبد الناصر .
اما الصحافة
خرجت الاهرام القاهرية
الثلاثاء 29 سبتمبر 1970 وكتبت تحت عنوان كبير "" عبد الناصر فى رحاب اللة "" وأعلنت مصر الحداد الرسمى اربعين يوما وتعطيل المصالح والشركات والمدارس والجهات الحكومية ثلاث ايام
واهتمت الصحافة الكويتية اهتمام بالغ بالخبر
لاثر وداع الرئيس لسمو امير الكويت كأخر مسؤول يودعة
فنشرت (الرأى العام ) بعنوان ""مات جمال عبد الناصر"" مع صورة ضخمة على خمسة أعمدة وهو يودع الشيخ صباح السالم وأفتتاحية يشرح فيها توديع الرئيس لامير الكويت ومشاركتة فى مؤتمر القمة العربى ومجهودات الزعيم لحل أزمة ونزيف الدم العربى بين السلطة الاردنية والفلسطينية
جريدة (الهدف ) وهى جريدة أسبوعية عربية نشرت بالعدد رقم 458 اول اكتوبر 1970 ووضعت عنوانا ""أدفنونى معة "" وهى كلمة وردت على لسان زوجتة السيدة تحية مع صورة لجمال عبد الناصر وسط حشود الشعب الكويتى الذى خرج متأثرا وحزينا وفى الصفحة الاولى بيان الديوان الأميرى الكويتى والنعى الرسمى وأعلن الحداد اربعين يوما وقرر مجلس الوزراء بتنكيس الاعلام وأغلاق المدارس والمسارح والسينما ثلاث ايام
(الانوار اللبنانية ) والصادرة 29 سبتمبر كتبت فى الافتتاحية بقلم رئيس التحرير سعيد فريحة مع صورة كبيرة لعبد الناصر بعنوان "" وداعا يابطل العروبة الخالد ""
(البعث السورى ) نشرت بعنوان فاجعة الأمة العربية بوفاة الرئيس عبد الناصر وعنوان أعلان الحداد بسوريا اربعين يوما
اما الاعلام العالمى
فنقلت وكالة رويترز للأنباء الاخبار التالية
أن الاف من الناس طافت فى شوارع القاهرة أمس وهى تغنى نشيد بلادى بلادى لك حبى وفؤادى
وأن حوالى 250 شخصا قد أغمى عليهم لدى سماعهم نبأ وفاة الرئيس وقد نقل ان امرأة قد ماتت بنوبة قلبية ونقلت ايضا ان أحد الاشخاص حرق نفسة ونقل الى احد مستشفيات الاسكندرية
نقلت رويترز ان السيدة تحية قرينة الرئيس هرعت مع ابنتيها هدى ومنى وابنها عبد الحكيم عندما شعرت بوفاة زوجها وأخذت يد زوجها وقبلتها وقالت لا أريد شيئا لم اكن اريد فى حياتى غير زوجى
نقلت رويترز عن القدس
ان الألف من الفلسطينيين طافت شوارع القدس فى أكبر مسيرة حزن على وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وان القوات المحتلة منعت المسيرة من دخول الحى الصهيونى فى المدينة
وأضافت ان المحلات فى القطاع العربى فى المدينة قد أغلقت أبوابها وأكتظت المساجد لسماع القرآن الكريم وأشارت الوكالة الى أن قوات الشرطة دخلت مدن الضفة الغربية أمس حيث أغلقت معظم المدارس أبوابها وبدأ الطلاب العرب مسيرات حزن على وفاة قائدهم العربى الكبير
وفى موسكو مسيرة حداد فى شوارع موسكو
ذكرت وكالة تاس انة أخترقت شوارع موسكو الرئيسية مسيرة ضخمة من الطلاب العرب ومن الروس المحبين للرئيس عبد الناصر وذكرت الوكالة ان المسيرة كانت صامتة وتحت شعار ذكرى القائد العربى ستبقى حية فى نفوسنا وأنتهت المسيرة أمام مبنى المكتب الثقافى للجمهورية العربية المتحدة
جريدة التايمز البريطانية نشرت بعنوان ( أنه أضخم تجمع بشرى فى التاريخ )
وفى تعليق مجلة نيوزويك على جنازة الرئيس عبد الناصر قالت ) لم يشهد العالم جنازة تماثل فى ضخامتها جنازة عبد الناصر وسط مشاهد من عويل المصريين والعرب عليه بلغت حد التخلى عن الموكب الجنائزى عندما ضغطت الألوف المؤلفة على الموكب فى محاولة لإلقاء نظرة أخيرة على النعش الذى يحمل جثمان بطلهم الراحل إن جنازات كيندى و ستالين و كمال أتاتورك تبدو كصور فوتوغرافية إذا ما قورنت بجنازة عبد الناصر لقد أحس العرب أنهم فقدوا الأب والحامى لهم
الوفيجارو الفرنسية
معلقة على خبر وفاة الرئيس عبد الناصر " لو أن وفاة جمال عبد الناصر حدثت فى ظروف سياسية عادية لكان لها أثر عميق فى أبعادة فى العالم اما أنها حدثت فى الوقت الحاضر وفى هذة اللحظة الحرجة التى يجتازها الشرق الاوسط منذ اكثر من ثلاث سنوات فأنها مأساة حقيقية لا يمكن حساب نتائجها
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية أن الصحافة اعتبرت ان فقد عبد الناصر هو فقد عنصر كبير الاهمية فى المأساة التى يعيشها الشرق الوسط
اما صحيفة بارى جور قالت أن خلفاء عبد الناصر سيلقون أرثا ثقيلا
اما المدن الالمانية
فيذكر الدكتور لطفى ناصف
ان مدينة ليبزج الالمانية شهدت أكبر جنازة شهدتها المدينة او فى اى مدينة اوربية اخرى من الطلاب العرب الى جانب المبعوثين الاجانب وشارك معهم المسؤلين بالمدينة وفى الجامعة فى تلك الجنازة الرمزية التى خرجت من الجامعة مارة الشوارع الرئيسية الى ان وصلت الى أحدى القاعات الكبرى بالمدينة وهم يمسكون بالعلم المصرى ويرفعون صورة كبيرة لعبد الناصر رسمها أحد الطلبة الفلسطينيين من عرب 48 والذين يحملون حنسية اسرائيل وقام ممثلون لكل الروابط الطلابية بالقاء كلمات بعد القاء محافظ المدينة كلمتة لرثاء عبد الناصر وقبل أنتهاء العزاء وقف طالب كردى يمثل اتحاد الطلاب الاكراد فى اوربا ليعبر عن حزن الاكراد على وفاة الرئيس جمال الذى كان يمثل لهم الامل فى الحصول على حقوقهم المشروعة
وفى تقرير لواحدة من الصحف الالمانية
حول جنازة ناصر كتبت تقول " لقد شهد العالم كثيرا من المواكب الجنائزية ابتداء من جنكيز خان الى لينين واتاتورك وغاند وكيندى ولكن من المؤكد ان أكبر جنازة فى تاريخ العصر الحديث قد سارت بالعاصمة المصرية القاهرة يوم الاول من اكتوبر 1970 فى وداع ناصر
وفى عدد السبت ٤ اكتوبر ٢٠٠٨ عدد ١٥٧٤ أعادت صحيفة «الجارديان» البريطانية نشر تقريرها عن جنازة الرئيس جمال عبدالناصر أمس الأول، تحت عنوان «جنازة ناصر اكتظت بالحشود الباكية».
وصفت الصحيفة في تقريرها، الذي أعده كل من هارولد جاكسون وديفيد هيرست، جنازة عبدالناصر في الثاني من أكتوبر عام ١٩٧٠ بأنها الجنازة الرسمية المذهلة والأكثر إثارة في العصر الحديث، مشيرة إلي أن ملايين المصريين «المتواضعين» خرجوا لتوديع زعيمهم «الذي عبدوه طوال ١٨ عاماً» علي حد قولها، إلي جوار حشود من القادة وزعماء العالم
أما «جان لاكوتير» الكاتب والمؤرخ والأديب الفرنسي فقد وصف أحداث تشييع جنازة جمال عبدالناصر في كتابه «ناصر» بقوله «إن هذه الجموع الغفيرة في تدافعها الهائل نحو الجثمان إلي مثواه الأخير لم تكن تشارك في تشييع الجثمان إلي مثواه الأخير، لكنها كانت في الحقيقة تسعي في تدفقها المتلاطم للاتصال بجمال عبدالناصر الذي كانت صورته هي التجسيد المطلق لكينونتها ذاتها. لقد قفلت الآن الدائرة ولكن ماذا تحوي في داخلها؟ انقلاب 23 يوليو.. باندونج.. السويس.. السد العالي.. دمشق.. الجزائر.. قوانين 1961. إن كل ذلك قد أصبح الآن تاريخا، لقد مضت فترة الانتقال من عهد الملك الدمية إلي الجمهورية والعروبة والاشتراكية، لكن ما هو باق هو صورة عبدالناصر وما أصبحت ترمز إليه من الإحساس بالكرامة وروح التحديث والشعور بالأهمية الدولية».. هل عرفت الآن لماذا كانت جنازة عبدالناصر هي الأعظم في التاريخ الحديث؟
تعليقات
إرسال تعليق