حسرة جولدا مائير . تأثير كاريزما وهيبة عبد الناصر الدولية في حصر علاقات اسرائيل الدولية من مذكرات جولدا مائير .. ترجمة عزيز عزمى
حسرة جولدا مائير .
تأثير كاريزما وهيبة عبد الناصر الدولية في حصر علاقات اسرائيل الدولية
من مذكرات جولدا مائير .. ترجمة عزيز عزمى
اعداد محمد شوقى السيد
ص ٢٣٣
فى الجلسة التاسعة للجمعية العامة ( للأمم المتحدة) اقترح المندوب الاسرائيلى كمرحلة انتقالية أو أولية أن تعقد الأطراف المعنية اتفاقيات تلزمها بسياسة عدم الاعتداء والتسوية السلمية وكان الرد رفضا قاطعا ولا يزال العرض الذى قدمناه قائما من حيث استعدادنا للالتقاء بممثلين عن كل أو أى من الدول العربية ولم نسمع حتى صدى لندائنا عبر الحدود ..
واخذنا نفكر فيما سيحدث بعد ذلك .....
لكننى لاحظت خلال عودتى إلى مقعدى انه لا يوجد من يشاركنى رأيى بين هؤلاء المندوبين ممثلى الأسرة العالمية وبعد ان جلست لاحظت ان وفدا واحدا صفق لى كان وفد هولندا التى تعتبر من الأصوات القليلة التى لا تصوت ضدنا ولم أجد واحدا من الوفود يطالب ولو بمناقشة ما قلته .وعلى اية حال فقد قررت ان أجرى اتصالا مباشرا وشخصيا بالعرب قبل انتهاء الدورة لان المستقبل كان مظلما فى نظرى
ص ٢٣٦
قد زرت الامم المتحدة خلال عملى كوزيرة لإسرائيل مرات عديدة على الاقل مرة كل عام كرئيسة لوفد إسرائيل لكننى للأسف لم أنجح فى ترتيب اى لقاء مع العرب رغم محاولاتى المتكررة وأذكر اننى فى عام ١٩٥٧ رأيت عبد الناصر يجلس عن بعد فأخذت افكر ترى ما الذى قد يحدث لو توجهت إليه هكذا وبدأت الحديث معه لكنه كان محاطا بالحراس وكنت انا ايضا محاطه بالحراس وبالطبع ما كانت المحاولة لتنجح
..... وكان رؤساء الوفود فى الامم المتحدة يعلمون جيدا أنهم اذا أرادوا ان يحضر العرب حفلاتهم واجتماعاتهم فلا يجب عليهم ان يوجهوا الينا الدعوة لحضور نفس الحفل .
ص ٢٤١
لكن جمهورية الصين الشعبية رفضت قيام سفارة إسرائيلية فى بكين رغم اننا كنا من اول الدول التى اعترفت بها واتخذت إندونيسيا وباكستان موقفا معاديا منا باعتبارهما دولتين اسلاميتين أما العالم الثالث الذى لعب فيه نهرو من ناحية وتيتو من ناحية أخرى دورا هاما فقد توجه نحو عبد الناصر والعرب وغض الطرف عنا وعلقنا الآمال على أن نتلقى دعوة لحضور مؤتمر الدول الأفريقية الاسيوية فى باندونج فى ربيع ١٩٥٥ غير ان الدول العربية هددت بمقاطعة المؤتمر اذا ما دعيت إليه اسراىيل وهكذا تم استبعادنا من هذا النادى ايضا
واعتدت على ان اجيل النظر حولى فى الامم المتحدة خلال عامى ٥٧ و ٥٨ قائلة لنفسى ليست لنا عائلة هنا فلا يوجد هنا من يشاركنا ديننا أو لغتنا أو ماضينا ان بقية العالم تبدو كتلا وتجمعات نشأت بسبب التاريخ والجغرافيا واجتمعت لتخلق اهتمامات مشتركة لديهم لكن جيراننا حلفاءنا الطبيعيين لا يريدون اى صلة بنا ونحن فى الواقع لا ننتمى لأى مكان ولا لأى احد سوى أنفسنا.. لقد كنا أول مولود للأمم المتحدة لكننا عوملنا كطفل غير مرغوب فيه
ص 252
وقبل ان احكى عن رحلاتى الى الشرق الاقصى فإننى أكرر ما قلته من قبل وهو أن الصين هى الدولة الآسيوية الوحيدة التى لم ننجح معها وهناك من يقولون أننا لم نبذل جهدا كافيا لكسب صداقتها لكننى على يقين من أنه لم يكن بوسعنا أن نقبل أكثر مما فعلناه ففى عام 1955 ارسلنا بعثة تجارية الى بكين ووجهنا اليهم الدعوة لزيارة اسرائيل لكنهم لم يلبوها وفى مؤتمر باندونج فى اواخر هذا العام بدأ التقارب المصرى الصينى وكان موقف الصين العنيف بعد معركة السويس ثم التأييد المطلق للعرب والواقع أن الحكومة الصينية مرتبطة بالحرب العربية ضد اسرائيل وما زال السيد عرفات ورفاقه يحصلون على الاسلحة والاموال والدعم من بكين ........
وهناك صورتان تقفزان الى ذهنى كلما ذكرت الصين احداهما صورة اللغم المصنوع فى الصين والذى اودى بحياة طفلة فى احدى مستعمرات الحدود أما الثانية فأثناء حفل عيد الاستقلال فى كينيا اذ جاءت مائدتنا مجاورة لمائدة الوفد الصينى وفكرت فى أن جو الحفل قد يساعد على ان اتحدث معهم وطلبت من ايحود افرييل ان يقدم نفسة للصينيين فذهب ايحود ومد يده لرئيس الوفد الصينى قائلا ان وزيرة خارجيتى تريد الحديث معك واكتفى اعضاء الوفد بأن اداروا انظارهم الى الناحية الاخرى دون حتى أن يرفضوا .....
ص 284 حرب الاستنزاف
وكانت حرب الاستنزاف المصرية قد بدأت فى مارس 1968 ثم ازدادت شراستها حتى صيف 1970 وكان السوفييت قد زودوا مصر وسوريا والعراق بما قيمته مع التحفظ 3.5 بليون دولار لكن المستفيد الأول من فيضان الاسلحة والدبابات والطائرات كان عبد الناصر على أمل أن يسفر استمرار اطلاق النار علينا ووقوع الخسائر بين صفوفنا عن موافقتنا على الانسحاب من القناة دون تحقيق اى سلام او اية نهاية للنزاع
كان عبد الناصر والروس يعلمون ان كل جندى يسقط لدينا يعتبر بمثابة طعنه فى قلب الامة وعليه فانهم اذا ما واصلوا قصف مواقعنا فى القناة فاننا سوف نستسلم . لكننا لم نفعل ذلك - لم تكن لدينا رغبة فى محاربة أحد لكنه لم يكن هناك بديل امامنا كان الحل الوحيد امامنا لمنع الحرب الشاملة التى أعلن عبد الناصر أنها الهدف النهائى لحرب الاستنزاف هو أن نرد بعنف ضاربين المنشآت العسكرية المصرية والاهداف العسكرية المصرية لا على خطوط وقف اطلاق النار فقط وانما داخل مصر نفسها بل واحيانا عند اللزوم كنا نوصل رسالتنا الى المصريين على ابوابهم فى عمق الاراضى المصرية ولم يكن اتخاذ القرار امرا سهلا خاصة واننا كنا نعرف ان الروس على استعداد لتوسيع تدخلهم فى مصر وهكذا بدأنا استراتيجية الغارات الانتقامية فى العمق . وقد اصبحت من القصص المعادة المملة ان نتحدث عن حرب الاستنزاف او عن السفن السوفيتية التى وصلت الى مصر سرا حاملة صواريخ سام ثرى ...
وكان الرئيس نيكسون اكثر من صديق (صهيونى يعنى)...
كان ويليام روجرز رجلا دمثا صبورا الى اقصى حد استحوذ على اعجابى الشخصى انه هو الذى حقق وقف اطلاق النار فى اغسطس 1970 .....
ولم تفلح محاولاتى لاجراء اية اتصالات مع القادة العرب بل اننى اعلنت يوم تولى منصبى اننا على استعداد لمناقشة السلام مع جيراننا فى اى يوم وجاءنى الرد خلال ساعات فى خطبة لعبد الناصر قال فيها انه لن يعلو صوت فوق صوت المعركة .....
وظل الناس فى الخارج يستفسرون منا عما اذا لم تكن لدينا نية لاسقاط عبد الناصر وكأننا نحن الذين جئنا به ونحن الذين نخطط لاستبداله وكانوا يسألوننا عما اذا كانت غاراتنا فى العمق ضرورية "فعلا" ولازمة للدفاع عن النفس وكأنهم يريدون منا أن ننتظر الى أن يتم ذبحنا لتتأكد نوايا المجرم (تدافع عن قصف مدرسة بحر البقر ومصانع ابو زعبل)
صورة ناصر الحقيقية بالامم المتحدة
تأثير كاريزما وهيبة عبد الناصر الدولية في حصر علاقات اسرائيل الدولية
من مذكرات جولدا مائير .. ترجمة عزيز عزمى
اعداد محمد شوقى السيد
ص ٢٣٣
فى الجلسة التاسعة للجمعية العامة ( للأمم المتحدة) اقترح المندوب الاسرائيلى كمرحلة انتقالية أو أولية أن تعقد الأطراف المعنية اتفاقيات تلزمها بسياسة عدم الاعتداء والتسوية السلمية وكان الرد رفضا قاطعا ولا يزال العرض الذى قدمناه قائما من حيث استعدادنا للالتقاء بممثلين عن كل أو أى من الدول العربية ولم نسمع حتى صدى لندائنا عبر الحدود ..
واخذنا نفكر فيما سيحدث بعد ذلك .....
لكننى لاحظت خلال عودتى إلى مقعدى انه لا يوجد من يشاركنى رأيى بين هؤلاء المندوبين ممثلى الأسرة العالمية وبعد ان جلست لاحظت ان وفدا واحدا صفق لى كان وفد هولندا التى تعتبر من الأصوات القليلة التى لا تصوت ضدنا ولم أجد واحدا من الوفود يطالب ولو بمناقشة ما قلته .وعلى اية حال فقد قررت ان أجرى اتصالا مباشرا وشخصيا بالعرب قبل انتهاء الدورة لان المستقبل كان مظلما فى نظرى
ص ٢٣٦
قد زرت الامم المتحدة خلال عملى كوزيرة لإسرائيل مرات عديدة على الاقل مرة كل عام كرئيسة لوفد إسرائيل لكننى للأسف لم أنجح فى ترتيب اى لقاء مع العرب رغم محاولاتى المتكررة وأذكر اننى فى عام ١٩٥٧ رأيت عبد الناصر يجلس عن بعد فأخذت افكر ترى ما الذى قد يحدث لو توجهت إليه هكذا وبدأت الحديث معه لكنه كان محاطا بالحراس وكنت انا ايضا محاطه بالحراس وبالطبع ما كانت المحاولة لتنجح
..... وكان رؤساء الوفود فى الامم المتحدة يعلمون جيدا أنهم اذا أرادوا ان يحضر العرب حفلاتهم واجتماعاتهم فلا يجب عليهم ان يوجهوا الينا الدعوة لحضور نفس الحفل .
ص ٢٤١
لكن جمهورية الصين الشعبية رفضت قيام سفارة إسرائيلية فى بكين رغم اننا كنا من اول الدول التى اعترفت بها واتخذت إندونيسيا وباكستان موقفا معاديا منا باعتبارهما دولتين اسلاميتين أما العالم الثالث الذى لعب فيه نهرو من ناحية وتيتو من ناحية أخرى دورا هاما فقد توجه نحو عبد الناصر والعرب وغض الطرف عنا وعلقنا الآمال على أن نتلقى دعوة لحضور مؤتمر الدول الأفريقية الاسيوية فى باندونج فى ربيع ١٩٥٥ غير ان الدول العربية هددت بمقاطعة المؤتمر اذا ما دعيت إليه اسراىيل وهكذا تم استبعادنا من هذا النادى ايضا
واعتدت على ان اجيل النظر حولى فى الامم المتحدة خلال عامى ٥٧ و ٥٨ قائلة لنفسى ليست لنا عائلة هنا فلا يوجد هنا من يشاركنا ديننا أو لغتنا أو ماضينا ان بقية العالم تبدو كتلا وتجمعات نشأت بسبب التاريخ والجغرافيا واجتمعت لتخلق اهتمامات مشتركة لديهم لكن جيراننا حلفاءنا الطبيعيين لا يريدون اى صلة بنا ونحن فى الواقع لا ننتمى لأى مكان ولا لأى احد سوى أنفسنا.. لقد كنا أول مولود للأمم المتحدة لكننا عوملنا كطفل غير مرغوب فيه
ص 252
وقبل ان احكى عن رحلاتى الى الشرق الاقصى فإننى أكرر ما قلته من قبل وهو أن الصين هى الدولة الآسيوية الوحيدة التى لم ننجح معها وهناك من يقولون أننا لم نبذل جهدا كافيا لكسب صداقتها لكننى على يقين من أنه لم يكن بوسعنا أن نقبل أكثر مما فعلناه ففى عام 1955 ارسلنا بعثة تجارية الى بكين ووجهنا اليهم الدعوة لزيارة اسرائيل لكنهم لم يلبوها وفى مؤتمر باندونج فى اواخر هذا العام بدأ التقارب المصرى الصينى وكان موقف الصين العنيف بعد معركة السويس ثم التأييد المطلق للعرب والواقع أن الحكومة الصينية مرتبطة بالحرب العربية ضد اسرائيل وما زال السيد عرفات ورفاقه يحصلون على الاسلحة والاموال والدعم من بكين ........
وهناك صورتان تقفزان الى ذهنى كلما ذكرت الصين احداهما صورة اللغم المصنوع فى الصين والذى اودى بحياة طفلة فى احدى مستعمرات الحدود أما الثانية فأثناء حفل عيد الاستقلال فى كينيا اذ جاءت مائدتنا مجاورة لمائدة الوفد الصينى وفكرت فى أن جو الحفل قد يساعد على ان اتحدث معهم وطلبت من ايحود افرييل ان يقدم نفسة للصينيين فذهب ايحود ومد يده لرئيس الوفد الصينى قائلا ان وزيرة خارجيتى تريد الحديث معك واكتفى اعضاء الوفد بأن اداروا انظارهم الى الناحية الاخرى دون حتى أن يرفضوا .....
ص 284 حرب الاستنزاف
وكانت حرب الاستنزاف المصرية قد بدأت فى مارس 1968 ثم ازدادت شراستها حتى صيف 1970 وكان السوفييت قد زودوا مصر وسوريا والعراق بما قيمته مع التحفظ 3.5 بليون دولار لكن المستفيد الأول من فيضان الاسلحة والدبابات والطائرات كان عبد الناصر على أمل أن يسفر استمرار اطلاق النار علينا ووقوع الخسائر بين صفوفنا عن موافقتنا على الانسحاب من القناة دون تحقيق اى سلام او اية نهاية للنزاع
كان عبد الناصر والروس يعلمون ان كل جندى يسقط لدينا يعتبر بمثابة طعنه فى قلب الامة وعليه فانهم اذا ما واصلوا قصف مواقعنا فى القناة فاننا سوف نستسلم . لكننا لم نفعل ذلك - لم تكن لدينا رغبة فى محاربة أحد لكنه لم يكن هناك بديل امامنا كان الحل الوحيد امامنا لمنع الحرب الشاملة التى أعلن عبد الناصر أنها الهدف النهائى لحرب الاستنزاف هو أن نرد بعنف ضاربين المنشآت العسكرية المصرية والاهداف العسكرية المصرية لا على خطوط وقف اطلاق النار فقط وانما داخل مصر نفسها بل واحيانا عند اللزوم كنا نوصل رسالتنا الى المصريين على ابوابهم فى عمق الاراضى المصرية ولم يكن اتخاذ القرار امرا سهلا خاصة واننا كنا نعرف ان الروس على استعداد لتوسيع تدخلهم فى مصر وهكذا بدأنا استراتيجية الغارات الانتقامية فى العمق . وقد اصبحت من القصص المعادة المملة ان نتحدث عن حرب الاستنزاف او عن السفن السوفيتية التى وصلت الى مصر سرا حاملة صواريخ سام ثرى ...
وكان الرئيس نيكسون اكثر من صديق (صهيونى يعنى)...
كان ويليام روجرز رجلا دمثا صبورا الى اقصى حد استحوذ على اعجابى الشخصى انه هو الذى حقق وقف اطلاق النار فى اغسطس 1970 .....
ولم تفلح محاولاتى لاجراء اية اتصالات مع القادة العرب بل اننى اعلنت يوم تولى منصبى اننا على استعداد لمناقشة السلام مع جيراننا فى اى يوم وجاءنى الرد خلال ساعات فى خطبة لعبد الناصر قال فيها انه لن يعلو صوت فوق صوت المعركة .....
وظل الناس فى الخارج يستفسرون منا عما اذا لم تكن لدينا نية لاسقاط عبد الناصر وكأننا نحن الذين جئنا به ونحن الذين نخطط لاستبداله وكانوا يسألوننا عما اذا كانت غاراتنا فى العمق ضرورية "فعلا" ولازمة للدفاع عن النفس وكأنهم يريدون منا أن ننتظر الى أن يتم ذبحنا لتتأكد نوايا المجرم (تدافع عن قصف مدرسة بحر البقر ومصانع ابو زعبل)
صورة ناصر الحقيقية بالامم المتحدة
تعليقات
إرسال تعليق