المخصيين بالتاريخ المصرى "حكاية حزينة من الماضي"

 المخصيين بالتاريخ المصرى 

"حكاية حزينة من الماضي"

اخد المخصيين فى البلاط الملكى العثماني .. صورة تعود لعام ١٩٢٢

"المخصيين" فى التاريخ المصري.. "حكاية حزينة من الماضي" ..
باى ذنب تقرر عليهم حياتهم اجبارا

نوع من "البشر" اللى قصتهم حزينة وكانوا موجودين فى منطقتنا العربية وفى مصر أيضا ربما لغاية اختفاؤهم من 100 سنة بس هما "الخصيان"، و"الخصي" هو الشخص الذى جلب "عبدا" صغيرا، ثم تم خصيه بإزالة أعضاؤه التناسلية، لغرض واحد وحيد على الأرجح هو أن يكون راعيا لـ"حريم" الأثرياء، وخادما لهم، دون أن يخشى عليهم من أي شر..
ورغم إن "الخصي" أو "الجب" هي محرمة فى الشريعة الإسلامية، إلا إن "الخصي" كان دايما موجود فى تاريخنا، وملازم للأغنياء وظاهرة "تعدد الزوجات"، و"ملكات اليمين"، وكان هناك إقبال واسع بين الأثرياء على اقتناء هؤلاء "المخصيين" فى دورهم الفارهة..
فى كتابه "لمحة عامة إلى مصر" بيتناول الطبيب الفرنسي الشهير، ومؤسس الطب الحديث و"قصر العيني" فى مصر "أنطوان كلوت"، أو "كلوت بك" كما عرفه المصريين، بيصف هذه العملية الوحشية للخصي فى مصر، وتجارتها اللاإنسانية، وإزاي إن مصر فى عهد محمد علي وخلفاؤه أصبحت المصدر الأهم لـ"الخصيان" فى الشرق كله وتصديرهم إلى كامل المنطقة العربية، وخاصة الأستانة حيث يقبل رجال الدولة العثمانية على شرائهم بكثافة..
بيقول كلوت بك، إن هناك مدينتين مصريتين بيتم فيهم عملية "الخصي" أو الجب، وهما "أسيوط" و"جرجا"، وبيستهجن بشدة إن القائم بهذه العملية فى هذه المدينتين هما من "رجال الأكليروس القبطي"، وبيصفهم أنهم عار على الدين والإنسانية..
وبيحدد كمان "قرية دير الزاوية" الموجودة بين أسيوط والغنايم حاليا كأشهر مكان بيتم فيه عملية "الإخصاء"، وبيطلق عليها إنها "عاصمة السفاحين" المجرمين الذين يقومون بهذه الفعلة البشعة، قبل أن يبدأ فى وصف عملية اختيار الضحايا، وطريقة خصيهم المؤلمة..

القاهره ما قبل 1875
أحد الخصيان


تقريبا عملية الخصي كانت بتتم كل سنة لحوالي 300 شخص، بيختاروهم من صغار العبيد القادمين من السودان، فى اعمار من ست إلى تسع سنوات، بيتم شراء العبد من دول بقيمة من جنيه ونصف إلى ثلاث جنيهات..
وفى فصل الخريف من كل سنة، حيث الجو معتدل فلا فرصة لالتهاب الجروح، بيتم عملية بتر كافة الأعضاء التناسلية الخاصة بالعبد المسكين وإزالة كل ما برز عن جسده وليس عضوه الذكري فقط، ثم بيتم صب زيت مغلي على مكان الجرح، وتركيب أنبوبة فى الجزء الباقي من مجرى البول، ثم يتم دهن مكان الجرح بالحناء، ودفن الفتى المعذب فى الأرض إلى ما فوق البطن لمدة 24 ساعة، وبعدها يستخرج من التراب ودهان الجرح بعجينة من الطين والزيت..
طبعا العملية كانت بتتم بدون أي "تخدير"، أو مسكنات، أو مضادات التهاب أو مضادات حيوية بكل تأكيد، لأن العلم لم يكن قد توصل إلى هذه الأشياء، ولذلك فكلوت بك بيقول إن ربع الغلمان المساكين اللى بيتعرضوا لهذه الممارسة كانوا بيموتوا تقريبا، أما الباقي فبيقضي حياته فى الكثير من المعاناة الجسدية والنفسية بكل تأكيد..
واحد من المظاهر اللى لازمت ظاهرة "الجب" هي ظاهرة التعظيم ليهم، لدرجة إن كبير الخصيان فى الأستانة يعد من أعاظم رجال الحاشية السلطانية، وإن السلطان محمود رفع أحد خصيانه إلى مرتبة البشوية..
ولعل أشهر الخصيان فى تاريخ مصر، هو الوالي "داوود باشا الخادم"، والي مصر فى الفترة من 1538 ميلاديا وحتى 1550 ميلاديا، ومازال المسجد الذى يحمل اسمه قائما إلى اليوم فى "سويقة اللالا" بالسيدة زينب، وطبعا التصق اسمه بوجبة شهية يحبها المصريين إلى اليوم وهي "كرات اللحم" أو "كفتة داوود باشا"، وقد كان معروفا بكونه رجل صالح، محب للعلم، وصاحب لمحة صوفية، وكان محبوبا من المصريين..

مدخل مسجد داوود باشا ..المسجد العتيق. بسويقة اللالا .. السيدة زينب

من الأمور المهمة لـ"الخصي" انهم استخدموا فى خدمة الحرم المكي، والكعبة، وكان الخصي الذى يخدم فى الحرم المكي يطلق عليه "الأغا" وتعني "السيد"، وكان لهم مقر إقامة فى مكة بالقرب من الحرم، تسمى حارة الأغوات، ومازال عدد قليل من الأغوات على قيد الحياة حتى الآن فى المملكة العربية السعودية..
نرجع تاني لمصر، فعن مواصفات "الخصي" بيقول كلوت بيك، إنه يعرف الخصي عامة بمظهره الخارجي وهيئة جثمانه، فإنه يكون أمرد سليب اللحية والشاربين، بجسم فيه ميل إلى السمنة، وصوت أنثوي، وبيكون هناك عوامل نفسية أيضا نتيجة المحنة اللى مر بيها، فبيقول إن فيه نزعة إلى الأذى، والخوف، وسرعة الغضب، وهي نتائج طبيعية لما يشعر به من سقوط شأنه وانحطاط مكانته وزوال أخص صفات الرجولة عنه، بحسب ألفاظ "كلوت بك".
فى آخر كلامه عن "الخصيان" بيوجه كلوت بك، رسالة إنسانية إلى أوروبا والدول الغربية التى انتقدها بأنها تتدخل فى أخص شئون الشرق بشكل يسبب لها الكثير من الضرر، بأن تتدخل ولو مرة بشكل نافع إنساني وتناشد ولاة الأمور فى الشرق وسلطان تركيا، ووالي مصر، لإيقاف هذه الممارسة البشعة..
وربما ظلت رسالة كلوت بك هباء منثورا، ولم يستجاب لها إلا بعد وفاته بـ 9 أعوام، حين وقع الوالي إسماعيل معاهدة إلغاء الرق مع بريطانيا سنة 1877 وسط معارضة كبيرة من كبار قادته ورجاله، لأنهم رأوا فى هذه التجارة وسيلة جيدة لجلب الأموال إلى خزانة الدولة عبر الضرائب والجمارك المفروضة على العبيد.. ونقدر نشوف ده طبعا فى حديث "نوبار باشا" أول رئيس وزراء لمصر وهو ينتقد هذا القرار فى مذكراته..


تاريخ الخصي بالتاريخ الاسلامى !

بعض الأطفال الذين تم خصيهم ويتم جلبهم من السودان أو جنوب مصر.. يتم تعليمهم وتدريبهم.. الصورة تعود لأوائل القرن العشرين للخدمة فى بلاط أسرة محمد على أو للخلافة العثمانية


تجارة الرق انتهت إلى خصيهم وعملهم داخل قصور السلاطين

أغاوات الحرمين

يماثل هؤلاء كما اشرنا (الأغوات) الذين يعملون في خدمة الحرمين الشريفين، وتوارثوا هذه المهنة منذ مئات السنين، وكلمة (آغا)، لقب تشريفي استعمل في اللغة الكردية والتركية والفارسية، ويطلق على الرؤساء والشيوخ وعلية القوم، وينسب إلى معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - انه أول من استخدمهم لخدمة الكعبة، وإن كان هناك رواية أخرى أن أبا جعفر المنصور هو أول من فعل ذلك.

وذكرهم المستشرق الانجليزي «بيركهارت» إبّان مكوثه في مكه والمدينة عام 1814م؛ عندما وجد زعيم «الخصيان» هو شيخ الحرم وزعيم المسجد والشخص الرئيس في المدينة، وقد اُرسل منفياً كنوع من العقاب من الخليفة «سليم» بعد أن كان مشرفاً على نساء الخليفة - إحدى الوظائف الأولى في البلاط - وذكر أن «الخصيان» في الحرم يرتدون زياً خاصاً، ومنها الأثواب المقصبة والقاووق القسطنطيني يمارسون مهام الشرطة في الحرم ويمنعون الإخلال بالنطام، إضافة إلى غسل الحرم، وإضاءة المصابيح وفرش السجاد، ويظهر لهم عامة الناس كل الاحترام والتقدير، خصوصا شيخ الاغوات الذي يستوقفونه كلما رأوه لتقبيل يديه، الذي يتمتع أيضاً بشخصية مهمة، ويسمح له بالجلوس في حضرة الباشا والشريف، مشيراً إلى أن عدد «الخصيان» في الحرم كان 40 آغاً معظمهم يرسلون من النبلاء وأهل الخير هدية للحرم، مبدياً دهشته أن المرشدين منهم جميعم متزوجون من جاريات زنجيات ويحتفظون بعدد من الخدم والجواري في منازلهم!.


ضحايا الحرب الإيطالية

ويقول بعض أغوات الحرمين الشريفين الباقين - وأغلبهم من الأحباش - أنهم من ضحايا الحرب الإيطالية الحبشية 1936 -1948م؛ عندما قام الغزاة الإيطاليين أثناء غزوهم على الحبشة، وأجزاء من أفريقيا بمطاردتهم، والقبض عليم، ومن ثم خصيهم في الاسر، وذلك بجب أعضائهم التناسلية، وفعلوا ذلك مع الأطفال والصبيان، حيث كان خصي الأعداء تعبيراً عن الرغبة في قطع نسلهم وكبت الشعور الجنسي والعدوانية؛ ليعملوا في دور النساء دون خوف عليهن؛ ومع ذلك فهم يتزوجون بالواحدة والاثنتين والثلاث، كما هو حال أغوات مكة والمدينة، حيث يجد كثيراً منهم من تقبل به مع علمها الكامل بوضعه، ويذكر ذلك كأحد شروط عقد النكاح - حسب عرفهم - عندما يقول لها (املكت عليك مكحلة بدون مرود)، ويعني ان لديها هي المكحله اما المرود فهو لديه الاّ انه معطل، والمكحلة عبوة أو زجاجة الكحل، والمرود العود الذي تكحل به العين.

أثرياء

«الخصيان» يحظون بتقدير واحترام الجميع، كما يعدون من الاثرياء ويمتلكون أوقافاً في المدينتين المقدستين مكة والمدينة والمغرب واليمن والبصرة، ومن بينها عقارات وأبراج وفنادق خمس نجوم، ومجمعات سكنية بملايين إن لم تكن مليارات الريالات، ووفرت لهم عيشة كريمة، ووضعتهم ضمن قائمة أثرياء البلد. وفي عرف هؤلاء أن الآغاء يرث الآغاء في هذه الأوقاف، إلاّ إنه أرث مكاني؛ بمعنى أن الآغاء في المدينة المنورة لا يرث الآغاء في مكة، وينحصر نصيبه فيما خصص لهم من أوقاف ضمن آغوات المدينة، وهم أيضاً مراتب من خلال السلم الهرمي لأسماء وظائفهم في الحرمين يبتدئ بشيخ الأغوات، وينتهي بولد عمل، وهو الذي ينام في الحرم سبع سنوات متوالية حتى يترقى إلى مرتبة (شيخ بطال) ويستحق لقب (أغاء)، وضمن هذه الرتب (خبزي) و»نصف خبزي».

تقاليدهم الخاصة

وهم أيضاً محميون بحصانة تخصهم وحدهم دون غيرهم من الجنس البشري - منذ عهد الخلافة - لا تجيز لأحد من السالفين أو اللاحقين أن يتدخل في شؤونهم الخاصة والعامة، وجعلتهم فئه مستقله في نظامهم الداخلي وعاداتهم وتقاليدهم وأملاكهم وأوقافهم وفي عتقائهم،.

عاد بدون خصيان!

وكان عرب الجزيرة يعمدون إلى خصي غلمانهم الذين يعملون قرب النساء؛ فهناك قصة ثلاثة خرجوا من نجد لشراء طعام من العراق سرقت دراهمهم فاتفقوا مع الشخص الثالث أن يدعوا أنه مملوكا جيء به لبيعة في العراق، وباعوه بثمن يكفي لشراء طعامهم على أساس أن يتدبر أي فرصة ويهرب، لكن ما حصل أن المشتري اقتاده إلى خشبة الخصي، وقام يخصيه وتمكن بعد ذلك من الفرار لكن عندما جاء اصدقاؤه يباركون له بالسلامة قال «عدت لكم لكن بدون خصيان..!».


كافور الاخشيدى 

ولما كان «الخصيان» يشكلون حلقات الوصل بين قصور النساء وقصر الملك، وينقلون الأسرار من وإلى النساء، فإنهم بهذه الطريقة اكتسبوا معلومات هائلة عن القصر وما يدور خلف الجدران؛ خولتهم لتبوء أرفع المناصب سواء في القصر أو خارجه، ومنها مناصب قيادية مثل الرحالة الصيني المسلم «تشنغ» الذي قاد اسطولاً صينياً حتى سواحل افريقيا، ولا زالت الصين تخلد ذكرى رحلته عام 1405م، ومن هؤلاء العلماء والشعراء والعباقرة وأصحاب المواهب الخارقة.

وهناك من «الخصيان» من وصل الى سدة الحكم مثل كافور الاخشيدي الذي استعبد من النوبة، ثم علّمه ودرّسه وأكسبه كل علوم السياسة وفنون الحرب والي مصر آنذك (الاخشيد) قبل أن يعينه مربياً لأولاده، إلاّ أن «كافور» صرف الأبناء عن الحكم بالملاهي والملذات بعد موت والدهم؛ ليظفر بالحكم، ثم قاد حروباً شرسة وصل بها إلى حلب في سوريا، وكانت له قصة مخلدة مع الشاعر المتنبي بعدما خذله كافور الذي وعده بالعطايا والهبات؛ فهجاه أبو الطيب المتنبي بواحدة من أشهر قصائد الهجاء في التاريخ التي طافت ارجاء المعمورة ولا تزال تحفظ وتردد حتى يومنا هذا، ونورد بعض ما جاء فيها :

قصيدة هجاء المتنبى لكافور 

  عيدٌ بِأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عِيد  ُبِما مَضَى أَم لأَمْرٍ فِـيكَ تجدِيدُ


أَما الأَحِبةُ فالـبَـيَـداءُ دُونَهُـمُ  فَلَيتَ دُونَكَ بَيْـدًا دونَها بِـيـدُ

لَولا العُلَى لم تجِبْ بِي ما أَجُوبُ بِها  وَحناءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيـدُودُ

وَكـانَ أطْيَـبَ مِنْ سيفِي مَعانَقَة  أَشباهُ رَونَقه الغِيدُ الأَمالِيدُ

لم يَتْرُكِ الدَهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كَبِدي شَيْئاً تُتَيِّمهُ عَيْنٌ وَلا جِيـد

يا ساقِييَّ أَلخَمرٌ في كُؤوسِكما أم في كُؤُوسِكُما هَمٌّ وتَسهِيـدُ

أَصَـخْـرَةُ أَنــا مـــا لـــي لا تُحِـرِّكُـنـي  هــذي الـمُـدامُ وَلا هــذي الأَغـارَيـدُ

إذا أَرَدْتُ كُـمَـيْــتَ الــلَّــوْنِ صـافِــيَــة  ًوَجَدْتُـهـا وحَبِـيـبُ الـنَـفْـسِ مَـفـقُـودُ

مــاذا لَقِـيْـتُ مِــنَ الـدُنْـيـا وأَعْـجَـبُـه  أنِّـي بِمـا أَنــا شــاكٍ مِـنْـهُ مَحـسُـود

أَمْـسَـيْـتُ أَرْوَحَ مُـثــرٍ خـازِنًــا ويَــــدًا  أَنـــا الـغَـنِـيُّ وأَمــوالِــي الـمَـواعِـيـدُ

إِنّــــي نَــزَلــتُ بِـكَـذابِـيـنَ ضَـيـفُـهُـم  ُعَـنِ القِـرَى وعَـنِ التَـرحـالِ مِـحـدُودُ

جُـودُ الرّجـالِ مـنَ الأَيْـدِي وَجُـودُهُـمُ  مـنَ اللِـسـانِ فَــلا كَـانُـوا وَلا الـجـوُدُ

ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نفوسِهِـمِ  إِلا وفـــي يـــدِهِ مِـــن نَتَـنِـهـا عُــــود

أكُلمـا اغْـتَـالَ عَـبـدُ الـسُـوءِ سـيـدَهُأ  و خـانَـه فَـلَـهُ فـــي مـصــرَ تَمـهـيـد

صــار الخَـصِـي إِمــام الآبِـقـيـن بِـهــا  فـالـحُـر مستـعـبَـد والـعَـبـدُ مَـعـبُـودُ

نـامَـت نواطِـيـرُ مِـصـرٍ عَــن ثَعالِـبِـهـا  فقـد بَشِـمْـنَ ومــا تَفْـنـى العناقـيـدُ

الـعَـبـد لـيــسَ لِـحُــرٍّ صــالــحٍ بــــأخٍ  لَــو أنــهُ فــي ثـيــابِ الـحــرِّ مـولـود

لا تشـتَـرِ الـعَـبـد إلا والـعَـصَـا مـعــه  إِن الـعَـبِـيــدَ لأنـــجـــاسٌ مَـنـاكــيــد

مـا كُنـتُ أَحسَبُنـي أَحيـا إلـى زَمَـن  ٍيُسـيء بـي فيـهِ عَبـد وَهْـوَ مَحمـودُ

وَلا تَوهمتُ أَن الناس قَدْ فُـقِـدُوا  وأًن مِثْلَ أَبي البيـضاءِ مَـوجودُ

وأَنَّ ذَا الأَسْــوَدَ المَثْقوبَ مـشْفَرُهُ  تطِيعُهُ ذي العَضارِيطُ الرعادِيد

جَوعانُ يأكلُ مِـن زادي ويُمِسكُني  لِكَي يُقالَ عَظِيمُ القدرِ مَقصُودُ

وَيلُمِّـها خُطَّةً وَيلُم قـابلِها  لِمِثْلِهـا خُـلِقَ المهـريَّةُ القُودُ

وعِندَها لَذَّ طَعْم الموتِ شارِبُـهُ إِن المَنِـيَّةَ عِـنْـدَ الذُلّ قِنديدُ

مَن علَّم الأسـودَ المَخْصِيَّ مكرُمة أَقَومُـهُ البِـيـضُ أَمْ آبـاؤهُ الصِـيدُ

أم أُذْنُــه فــي يــدِ النّـخَّـاسِ دامِـيــةً  أَم قَــدْرهُ وَهــوَ بِالفِلـسَـيْـنِ مَردُودُ

أولَى اللِـئام كُـوَيـفـيـرٌ بِـمَـعــذِرَة  فـي كُـلِّ لُـؤْم وبَـعـض الـعُـذْرِ تَفنِـيدُ

وَذاك أن الفحولَ البِيضَ عاجِزَة  عنِ الجَميلِ فكَيـفَ الخِصْيَةُ السُودُ

خليل أفندى أغا 

ذراع الخديوى اسماعيل 

"خليل أفندى أغا"، والذى له شارع يحمل فى القاهرة بحى جاردن سيتى.

كان خليل أفندي أشهر أغا أغوات زمانه، فقد كان كبير أغوات الوالدة باشا هوشيار قادين زوجة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا والي مصر، وكان مقربًا منها والتي جعلته مربيًا لولدها إسماعيل.
عندما تولى إسماعيل حكم مصر في عام 1863، لم ينس فضل مربيه عليه، فقام بتوليته المهام الكبار، منها منصب كبير المشرفين على الأمور الخاصة للخديوي، أو كما كان يطلق عليه "البشكرجي"، وقد كان هذا المنصب غير منتشر في مصر قبل أن يشغله خليل أفندي أغا، الذي عمل لسنوات مع الخديوي إسماعيل وعائلته، وكان من المقربين للعائلة بأكملها، حتى أنه كان يتعامل كأنه فردًا منها.
وكانت مهامه كثيرة، فقد كان ناظر السرايات، وكان مشرفًا على أفراح أبناء الخديو إسماعيل، وهم الأمراء محمد توفيق وحسين كامل وحسن باشا الذي استمر فرحه لأربعين ليلة متتالية.
وفى عام 1869م كلفته هوشيار هانم بمباشرة أعمال بناء مسجد الرفاعى وترتيب ما يلزم من العمال وأعداد مواد البناء، فانطلق بعزم فى إنجاز ماكلف به.
ويلاحظ أن خليل أغال اشتهر في ربوع مصر المحروسة، وكان محل إجلال الجميع من الوزراء والعلماء والأعيان، وانتشرت الشائعات بين عامة الشعب التي تؤكد أن خليل آغا هو من يحكم مصر، وأن مقاليد الحكم بيديه، ووصل الأمر إلى أن وزراء هذا الزمان كانوا يقبلون يديه كنوع من إظهار الولاء له معتقدين أن التودد لخليل أغا هو الضامن الوحيد لبقائهم في مناصبهم، ولنفوذه الكبير وكلمته النافذة في الدوائر الحكومية كانوا يعتبرونه صاحب اليد العُليا في المحروسة بعد الخديو إسماعيل.
وقد بلغ نفوذ خليل أغا إنه كان يتوسط ليصلح بين زوجات الخديوي إسماعيل ومحظياته عند حدوث خلاف أو شقاق بينهن.
لقد أصبح خليل أغا ثريًا جدًا يمتلك الكثير من المال من هدايا الوالدة باشا والخديو إسماعيل، حتى أصبحت له أملاك في أكثر من مكان، في حي جاردن سيتي، وكذلك أراض بمحافظتي الغربية وكفر الشيخ كانت تتعدى مساحتها 1800 فدان، وأكثر من منزل. وله أوقاف هائلة وهناك فى حي القلعة عمارات سكنية معروفة كان يمتلكها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء مصر ..جمهورية يوليو الثائرة (الجمهورية الأولى) .. تأسيس النهضة الصناعية من الابرة للصاروخ

خيانات حرب يونيو 1967